تخطَّ إلى المحتوى

٣-١-الذكر القلبي

الفقرات التالية تعبر عن ثلاثة معاني للذكر القلبي بصفة عامة:

…هل نحن حقا عبادا لله؟ هل عرفنا معنى العبودية لله؟ هل أزلنا التراب والرماد عن نفوسنا وعن قلوبنا فرأينا الله حقا في قلوبنا، ورأينا معنانا قائما في معناه؟ هل قمنا في الله وأصبحت صلاتنا متصلة دائمة وذكر الله في قلوبنا لا يقف؟ هل صلاتنا أصبحت لا تنتهي بمجرد انتهاء المناسك؟ إن صلاتنا لو انتهت بانتهاء ما نؤديه من مناسك لكنا ما صلينا، وذكر الله إذا انتهى في وقت معين وأنهيناه ما ذكرنا. إن الصلاة وذكر الله يجب أن يكونا قائمين فينا دائما، لا يغيبان عنا، ولا يبعدان عنا… (١٩٧٠/١١/١٣)

… وما كل العبادات إلا لنذكر أنفسنا بما فيها من معان، نرددها في قلوبنا وفي داخلنا، مع وعي ونحن نكررها ونرددها، حتى تتحول إلى واقع نعيشه ونقومه، وهذه هي عبادة الذكر… (٢٠٠٦/١٠/١٣)

… إن من الناس من يتصورون أن الذين يذكرون هم الذين يؤدون حركات العبادات، ويتفكرون بأن هذا الكون بديع وأن وراءه قوة فاعلة فقط. إن ذكر الله أكبر من أن يكون مجرد شكل أو صورة، الذكر هو أن تذكر، وأن تذكر هو أن تكون ذاكرا دائما لمعنى الله فيك، ولمعنى الله عليك. ذكر الله أمر جلل، إنه ليس مجرد كلمات نلوكها بألسنتنا، أو حركات نقومها بأجسادنا، أو شعائر نؤديها بذواتنا، إن ذكر الله هو حال يقوم فيه الإنسان، إنه أمر عظيم، لا يستطيع الإنسان أن يصف أنه فيه، وإنما يظل دائما يرجوه، وهولا يعرف أن كان قد وصله أم لم يصله. إننا ونحن في هذا العالم في حجاب، لا نستطيع أن نزكي أنفسنا، أو نقول إننا من الذاكرين، وإنما نحن نريد أن نكون من العابدين، من الطالبين، من السائلين، من المستغفرين، من المجتهدين، من الذين على ذكر الله يجتمعون، ولوجهه يقصدون، وفي رحمته يطمعون، وبمغفرته يلوذون، وبشفاعة رسوله يتوسلون… (٢٠١٠/٣/١٢)

… اتقوا الله ولا تتوهموا، ولا ترسموا، ولا تصوروا خيالات ترد علي أفكاركم. وإذا فكرتم ولماضي قمتم فيه تذكرتم فلا تأسفوا، وأملأوا عقولكم ذكرا، وبدلوا ما فيكم من تفكير مظلم إلي تأمل في الله، في آلاء الله، فيما أنتم فيه قائمون. ادخلوا مدخل صدق واجعلوا كل تعاملاتكم تعاملا مع الله. جردوا أعمالكم من شهوات دنياكم. وانظروا إلي ما ترغبون من زاوية الحق بكم. وارجعوا الأمور إلي حقكم، والآمال إلي ربكم، والأهداف إلي أعلي لكم. فهذا هو الحق يوم تعرفونه، وهذا هو العمل يوم تدركونه، وهذا هو الذكر يوم تتذاكرونه…“(١٩٧٦/٧/٢)

يتكون هذا الجزء من سبعة أجزاء فرعية تتناول: الحمد لله، اللجوء إلى الله، التسبيح باللسان مع الاتجاه إلى القلب مثل شهادة لا إله إلا الله، الصلاة على النبي، الاستغفار، القيام بالجوارح مثل تأدية المناسك، التواصي بالحق مثل التجمع على ذكر الله.

٣-١-١-الحمد لله

الحمد لله هو ذكر قلبي لترسيخ الإحساس بنعمة الله وهي تطبيق لفهم الإنسان لعلاقته بربه. وهو إدراك لما في الإنسان من جوانب مضيئة، ولنعم الحياة التي أنعم بها عليه رب العالمين. النقطتان التاليتان تعبران عما يذكر الإنسان بأن يحمد الله:

يكشف الله لكم كل يوم ما أنتم عليه، إن وجدتم أنفسكم في ظلام فاسألوا الله عونا أكثر، وإذا وجدتم في أنفسكم نقطة مضيئة فاحمدوا الله أكثر (٢٠٠٠/٤/٢١)

علاقتنا بالله، علاقة حمد، والحمد هو إدراك لنعمة الحياة التي أنعم بها علينا رب العالمين. فأنت لا تستطيع أن تحمد إذا لم تدرك نعمة الله عليك. ونعمة الله عليك هي سره الذي نفخ فيك، وصبغته التي صبغك بها، وفطرته التي أقامك عليها. وحمدك لله هو في تجليه بمعنى رب العالمين، بتجليه في قانونه على العالمين… (٢٠٠١/٢/١٦)

٣-١-٢-اللجوء إلى الله

اللجوء إلى الله هو دعاء بالقلب والعقل والجوارح امتثالا لقانون (إني قريب أجيب دعوة الداعي1). وقد جعل الله من الدعاء سببا للإنسان ليستجير به لتغيير ما يراه من ظلام سواء في داخله أو خارجه. الفقرتان التاليتان توضحان إحساس الإنسان وهو يجأر إلى الله:

…لا نجاة لنا، ولا فوز لنا، ولا حياة لنا، إذا لم نشهد أن الله ربنا، وأن محمدا رسولنا، وأنه السفينة والنجاة، وأنه البيت الذي نلوذ به، ونلجأ إليه، ونهرع إليه، نتجه إليه بقلوبنا وبأرواحنا، بكل ما فينا من معنى الحق والحياة، نلوذ به، ونستنجد ونستعين بجاهه، مستعينين برحمته وقوته ومحبته وكرمه وجوده وعطائه على ظلام نفوسنا وعلى غفلة قلوبنا وعلى سوء تفكيرنا. نتوجه إليه ونتوسل بجاهه مستغفرين في كل لحظة وحين، وفي كل قيام بيقين، لا حياة لنا إلا به معنى الحياة، وألا نجاة لنا إلا به معنى النجاة، مثلنا وقدوتنا وأعلانا. (١٩٨٦/١١/٢١)

إن قلوبنا تجأر الى الله من هذا الذي تراه، تجأر الى الله أن يكشف الغمة، تجأر الى الله أن يعم الخير والنور والحياة، تجأر الى الله وهي ترى الظلام وقد استشرى وتردد ليس لها من دون الله كاشفة، تجأر بما فيها من إيمان، تجأر بما فيها من معرفة أن الله قد جعل لكل شيء سببا وجعل من اللجوء إليه بالدعاء سببا، تدعو وتطلب الخير، وتطلب النور، وتطلب الحق للناس أجمعين، بادئين بأنفسنا ونحن نرى فينا ظلاما من ظلام مجتمعنا، ونرى فينا تقاعسا من تقاعس بيئتنا، لا نستثني أنفسنا بظلامها… (١٩٨٩/٧/٢٨)

٣-١-٣-شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله

في هذا السياق الشهادتان تذكران من بعد الذكر القلبي. المفاهيم الفرعية التالية ترسخ في وجدان الذاكر أن: يعرض وجوده للحق ويكون أهلا لرحمة الله وأن يكون قائما في استقامة مع ما هيأ الله له، يترك الاختيار لأعلاه آملا أن يكون أهلا لمعرفة أكبر وأن ما هو قائم به إنما هو حال وقيام ليكسب في الله، يطلب أعلى وأن يكون حقا عبدا لله فاعلا وعاملا في طريق الله، يقر أن الله تعالى عن الوصف وأن رسول الله هو ظاهر في كل ما أعطاه الله من قدرات وأسباب في حياته.

٣-١-٣-١-يعرض وجوده للحق ويكون أهلا لرحمة الله ويكون قائما في استقامة مع ما هيأ الله له

أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، شهادة طلب ورجاء، وأمل ودعاء. شهادة طلب أن يكون الإنسان بهذه الشهادة وجوده للحق معرضا، وللفضل مهيئا، وللرحمة مستقبلا. شهادة دعاء أن يكون بها الإنسان لما يريد الأعلى أن يحقق به داعيا، أمره مسلما، لا محددا أو متكبرا… (١٩٧٦/٢/٢٠)

٣-١-٣-٢-يترك الاختيار لأعلاه آملا أن يكون أهلا لمعرفة أكبر وأن ما هو قائم به إنما هو حال وقيام ليكسب في الله

… وهو بما أودع الله فيه من حق يعلم أن لا حول ولا قوة إلا بالله. لا يحدد طلبا لأنه لا يعلم حقا أو خيرا إنما يترك الاختيار لأعلاه (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم..2). شهادة أمل أن يكون الإنسان آملا فيما هو أفضل في قيامه، آملا فيما هو أقوم في سلوكه، آملا أن يكون بما هو فيه مهيئا لقادم أفضل، وأهلا لمعرفة أكبر، ووجودا في قادم، طامعا في رحمة أعظم، متواصيا بالصبر والرحمة، يعلم أن ما هو قائم به إنما هو حال وقيام ليكسب في الله، وليكون قياما أفضل.. (١٩٧٦/٢/٢٠)

إن “شهادة لا إله إلا الله” ليست مجرد ألفاظ يلوكها اللسان، وليست مجرد فهما سطحيا في معنى الواحدية والأحدية، إنما هي قضية فهم عميق لمعنى هذه الشهادة وانعكاس هذا الفهم في حياة الإنسان. فشهادة لا إله إلا الله تعلمنا وتعرفنا أنه لا موجود بحق إلا الله، وإن إدراك هذه الحقيقة هو أول خطوات الفهم الصحيح لقضية الإنسان، ولسلوك الإنسان، ولمقصود الإنسان على هذه الأرض.. (١٩٨٦/١٢/٢٦)

٣-١-٣-٣-يطلب أعلى ويكون حقا عبدا لله فاعلا وعاملا في طريق الله

فكل ما ظهر على هذه الأرض من أديان، إنما هو في واقع الأمر أسلوب من الأساليب التي تدخل وتندرج في معنى الإسلام، كدين الحق وكدين الحياة. الهدف هو الإنسان، كسب الإنسان، ارتقاء الإنسان، أن يطلب الإنسان أعلى، أن يكون الإنسان عبدا لله، أن يكون خالصا لله، أن يكون فاعلا وعاملا في طريق الله، أن يكون شاهدا أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حقا وقياما وفعلا وعملا وسلوكا، في كل ما يقوم به، وفي كل ما يفعله… (١٩٨٧/٧/٣)

٣-١-٣-٤-يقرأن الله تعالى عن الوصف وأن رسول الله هو ظاهر في كل ما أعطاه الله من قدرات وأسباب في حياته

فشهادة لا إله إلا الله هي تقرير وإقرار وإشهار أن لا سيطرة لأحد على الإنسان، وأن الله هو الغيب، ولا إله إلا هذا الغيب الذي تعالى عن الوصف والرسم، ومن ثم لا يصبح للإنسان من وسيلة ومن طريقة لحياته إلا ما هو مشهود له. وشهادة أن محمدا رسول الله هي تعبير عن هذا الواقع، والاقتداء برسول الله هو الاقتداء بمنهجه وهو إعمال العقل، وإعمال القلب، وإعمال الضمير، والعمل الصالح. لذلك فإننا حين نتأمل في سيرة رسول الله نجد أنه يوجهنا أن نرجع إلى الأصول، فنتأمل ونتفكر فيها. فإذا لم نجد فعلينا أن نعمل عقولنا، وأن نجتهد حتى نصل إلى الحكم الذي يرضي قلوبنا، فكان القيام في شهادة أن محمدا رسول الله هو إعمال ما أعطانا الله من إمكانات وطاقات بمنتهى الحرية، لأن لا سيطرة لأحد على أحد… (٢٠٠٦/١١/٣)

نجد في سنة رسول الله التطبيق الفعلي لشهادة أن محمدا رسول الله، فهي الطريق إلى صلاح النفس وإصلاحها. فقد علمنا العبادات التي تساعدنا أن نكون فيمن يزكون وجودهم، فيمن ينهون النفس عن الهوى، فيمن.يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم … (٢٠١٥/٤/٢٤)

٣-١-٤-الصلاة على النبي

الصلاة على النبي هي ذكر قلبي لترسيخ معاني العلاقة برسول الله في وجدان الذاكر. المعاني التي تساعد الذاكر على التركيز في الصلاة على النبي هي: أنها صلة برسول الله، وتسليم لمن طلب الصلة. والصلة هي لمن عرف أن الله وملائكته يصلون على النبي. واستمرارية الصلة برسول الله. الفقرات التالية توضح المعاني المذكورة مع التأكيد على أن رسول الله أكبر من أن يحد في ذات وأن أي إشارة إليه إنما تعبر عن معنى الرحمة المهداه والنعمة المجزاه وآيات الله لعباده في الآفاق وفي أنفسهم في كل زمان ومكان.

٣-١-٤-١-الصلاة على النبي هي صلة به

يا من تطلبوا صلة برسول الله، يا من قبلتهم رسول الله، ويا من عرفوا أن الصلاة هي صلة برسول الله، وأن الجماعة هي اجتماع على رسول الله، اطلبوا صادقين أن تكونوا في هذا قائمين، ولتوجيه الأعلى مستقبلين، بنعمائه مسبحين، وله حامدين شاكرين… (١٩٧٠/١١/٢٠)(١٩٧٦/٥/١٤)(٢٠١٨/١١/١٦)

٣-١-٤-٢-التسليم لمن طلب الصلة والصلة لمن عرف أن الله وملائكته يصلون على النبي

التسليم واقع الحياة وقانون من قوانين الحياة، من عرفه أسلم وسلم، من عرفه وجده واقعا لا يغيب، من عرفه قامه سلوكا لا يقارن، ومسلكا ليس فيه جدال، من عرفه عرف ربه، وسلم له، وآمن به قائما وواقعا. لا يعرف التسليم إلا من طلب الصلة، ولا يعرف الصلة إلا من عرف أن الله وملائكته يصلون على النبي، ولا يعرف أن الله وملائكته يصلون على النبي إلا من آمن، ولا يؤمن إلا من يسلم، ولا يسلم إلا من طلب الصلة، فهي دورات متلاحقة أولها لا بداية له ونهايتها لا انتهاء له… (١٩٧٦/٥/١٤)

إن الصلاة والتسليم على رسول الله ليست مجرد كلمات نرددها، وإنما هي معنى نقوم فيه وكسب الإنسان على هذه الأرض هو من خلال صلة الإنسان برسول الله فعبر القوم عن هذا المفهوم بقولهم:( فكان غيبا من غيبك وبدلا من سر ربوبيتك حتى صار بذلك مظهرا نستدل به عليك3) … (٢٠٠٠/١٢/١٥)

٣-١-٤-٣-استمرارية الصلة بمصدر الحياة

… لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم، هكذا يخاطبنا الحق عن مجيء رسول الله بيننا، يحدثنا عن مولده وعن قيامه في مجتمعنا، في بيئتنا، في أرضنا. فإذا كان مولد الذات المحمدية، هو تعبير عن هذا المعنى وتجسيد له ، وأن كل قول فيه حياة لا يفنى ولا يزول، فكل ما جاء به محمد رسول الله، هو قائم لا يفنى ولا يزول. ومعنى الحياة أكبر من قيام هذه الذات، وما قيام الذات إلا تجلي لمعنى حياة. فظهور الإنسان بالذات، هو تجلي للإنسان في مكان وفي زمان، أما الإنسان بمعناه الروحي فهو أكبر من المكان والزمان، هو قبل هذا المكان، وقبل هذا الزمان، وهو بعد هذا المكان، وبعد هذا الزمان. فإذا كنا نتذكر في هذه الأيام، مولد الذات المحمدية، التي تجلى معنى رسول الله بها، فإنا نتذكر هذا المعنى الدائم، الذي أمرنا دائما أن نكون في صلة به (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما4). وهذه نعمة الله على الإنسان، أن جعل دائما هناك من يذكره ويعلمه.. (٢٠١٨/١١/١٦)

٣-١-٥-التجمع على ذكر الله

التجمع على ذكر الله هو تطبيق قانون “سر الجماعة”. الهدف الذي يتواجد الإنسان من أجله في جماعة وآثار التجمع على ذكر الله يمكن تلخيصها في النقاط التالية: اجتماع أفراد الجماعة على محبة رسول الله ليكونوا لتوجيه الأعلى مستقبلين وبنعمائه مسبحين وله حامدين شاكرين، الجماعة قوة كبيرة لها تأثير إيجابي في الحياة يوم يكون اجتماع أفرادها على الذكر بقلوبهم وإعمال عقولهم، الاجتماع على مقصود وجه الله فيه قوة تعين أفراد الجماعة وتأخذ بأيديهم في طريق الحق والصلاح، الاجتماع على ذكر الله هو اجتماع قلوب وليس اجتماع ذوات، اجتماع أفراد في جماعة هو ليتواصوا بالحق والصبر بينهم لتحقيق هدفهم بأن يكونوا وجودا أفضل، ذكر الله الذي نجتمع عليه هو أن نستحضر معنى إن لم تكن تراه فإنه يراك، ذكر الله الذي نجتمع عليه هو أن نكون في حال من الحمد والإستغفار الدائم، ذكر الله هو العلم الدائم المتجدد.

٣-١-٥-١-اجتماع أفراد الجماعة على محبة رسول الله ليكونوا لتوجيه الأعلى مستقبلين

…ولكن من الناس، من أصبح له بيت لجأ اليه، فصار من الحكماء، العقلاء، الفقهاء، المختفي عن الناس، والمختفي عن الخلق، والمختفي عن الجمع الكبير. أصبحت له جماعة تجتمع على حب رسول الله، ولا رب لهم إلا الله، ولا يعرفون إلا الله ورسوله. يعيشون في كنفه، ليس لهم سواه، لا طريق لهم إلا طريقه، ولا حياة لهم إلا في كنفه… (١٩٧٠/١٠/٩)

.. إن الجماعة هي اجتماع على رسول الله، اطلبوا صادقين أن تكونوا في هذا قائمين، ولتوجيه الأعلى مستقبلين، بنعمائه مسبحين، وله حامدين شاكرين.. (١٩٧٦/٥/١٤)

٣-١-٥-٢-الجماعة قوة كبيرة لها تأثير إيجابي في الحياة يوم يكون اجتماع أفرادها على الذكر بقلوبهم وإعمال عقولهم

إن الجماعة إذا اجتمعت على قلب رجل واحد وأصبحت وحدة في الله واحدة، وأصبح وجودها لا انفصام له عن الله لأصبحت قوة كبيرة، ولأصبحت قوة متصرفة في الوجود… (١٩٧٠/١١/١٣)

إن إصلاح الإنسان لنفسه هو في اجتماعه بإخوان حق، وفي ابتعاده عن ظلام الحياة بدناها. إن من يذكرون الله، ويجتمعون على ذكر الله، ويعلون بصفاتهم، ويتأملون في قيامهم، ويسبحون بعقولهم، ويذكرون بقلوبهم، ويجاهدون نفوسهم، هم قوة إيجابية في الحياة، إنهم روح الحياة، إنهم نور الحياة، إنهم الذين يعطون لهذه الأرض حياة… (١٩٨٠/١٢/٢٦)

٣-١-٥-٣-الاجتماع على مقصود وجه الله فيه قوة تعين أفراد الجماعة وتأخذ بأيديهم في طريق الحق والصلاح

إن قيام الإنسان في جماعة تتواصى بالحق وتتواصى بالصبر، أفرادها يقصدون وجه ربهم، يتجهون الى أعماقهم، يصلحون نفوسهم، يستعينون بحقهم، يتوسلون بجاه رسول الله لا يغيب عنهم أبدا، سوف يؤدي ذلك إلى رقي حالهم. إن السالك في طريق هذه الجماعة بألفة ومحبة يشارك في إيجاد معاني حقية قائمة لا تغيب بغيبة جسده، ولا تتلاشى باحتجاب ظاهر، تجيب من يطلبها وتنير الطريق لمن ينشدها.. (١٩٧٧/٨/٥)

.. ولتكن لك جماعة، فيها تجتمع على ذكر الله، وتقصد وجه الله، حتى تكون مع هذه الجماعة تتساندون، وبيد بعضكم البعض تأخذون. الناجي منكم يأخذ بيد أخيه لأنكم متحابون. أما الذين على الدنيا يجتمعون ففي هذا اليوم يتفرقون (الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين5). فلتكن من المتقين، حتى تكون في جماعة فيها محبة، وفيها قوة تعينك، وتأخذ بيدك في طريق الحق وطريق الصلاح.. (٢٠٠٠/٤/٢١)

٣-١-٥-٤-الاجتماع على ذكر الله هو اجتماع قلوب وليس اجتماع ذوات

يد الله مع الجماعة، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم هم جماعة الحق، الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه هم جماعة الحق (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله6) هم جماعة الحق. إن دين الفطرة يعلمنا ويكبر فينا معنى الجماعة، ويذكرنا في دوام بفضل الجماعة، والجماعة هي اجتماع قلوب على ذكر الله وليس مجرد اجتماع ذوات. إن الإنسان في هذه الأرض مطلوب منه أن تكون له جماعة، أن تكون له أسرة في الله حقا، أن يكون له اجتماع على ذكر الله وعلى مقصود وجه الله… (١٩٨٠/١٢/٢٦)

.. إن عمل الإنسان الإيجابي هو أن يكون دوما ذاكرا لله (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار7). إن إصلاح الإنسان لنفسه هو في اجتماعه بإخوان حق، وفي ابتعاده عن ظلام الحياة بدناها.. (١٩٨٥/٨/٢)

٣-١-٥-٥-اجتماع أفراد في جماعة هو ليتواصوا بالحق والصبر بينهم لتحقيق هدفهم بأن يكونوا وجودا أفضل

الدين علمنا أن نحدد هدفنا، بل أنه قد كشف لنا عن هدف كلي ليساعدنا في تحديد هدفنا أكثر، فكانت شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله، وقد عبر القوم عن ذلك بقولهم: المقصود وجه الله، بل إن ديننا قد عرفنا أكثر عن ذلك، حين أخبرنا عن البيت الذي أوجد على أرضنا، وعن القبلة التي أمرنا أن نستقبلها في صلاتنا، فكان ذلك تعبيرا عن وجوب اتجاهنا إلى قبلة، والتفافنا حول بيت. هذه الأوامر ما هي إلا رموز وإشارات لمعان أكبر، نجدها في قلوبنا وأفئدتنا وعقولنا يوم نتفاعل مع هذه الرموز، ومع هذه المعاني التي جاء بها ديننا. فهدفنا الذي نجتمع عليه هو أن نكون وجودا أفضل، وأن نكون في طريق الحياة، وأن نحقق لوجودنا معنى شهادة أن لا إله إلا الله، فتكون شهادة لا إله إلا الله ليست مجرد كلمات نلوكها بألسنتنا، وإنما تكون واقعا في حياتنا. هكذا يكون طريقنا، وهكذا تكون حياتنا، وهكذا يكون سلوكنا، وما اجتماعنا إلا لنتواصى بالحق والصبر بيننا، ولنشد من أزر بعضنا، وليساعد بعضنا بعضا، بتفاعل صادق، وبمحبة، ونتواصل بالمعاني التي نتعلمها… (٢٠٠٧/١١/٢)

إنا نعيش أحداثا متلاحقة، تظهر فيها إرادة الله الغيبية، بصورة لم يكن يتوقعها أحد. وهذا ما يحدث، حين تتوجه إرادات الخلق بالدعاء والرجاء، وبالصدق والعمل، وبالرغبة الصادقة العازمة، مؤدية كل ما تملك، فيستجيب القدر. إنا حين ننظر في تاريخنا، سوف نجد مثل هذه اللحظات، ولكنها اليوم تختلف كل الاختلاف. فالذي حدث في بلدنا، هو إرادة شعب أراد الحياة، فقال ذلك، وعبر عنه بطريقة سلمية، ليس فيها عنف، وليس فيها حرب. قوة هائلة نتجت عن هذا الاجتماع الصادق، من جماهير اجتمعت كلها على قول واحد، وعلى هدف واحد (٢٠١١/٢/١٨)

الآلية التي تعلمناها في ديننا، هي أن نجتمع على ذكر الله، وأن نتواصى بالحق وبالصبر، في وسط جمع هدفه ومقصوده وجه الله، يظهرالإنسان بجماله الداخلي، وبفطرته الحية، يظهر الإنسان بجماله، وكماله، ورفعته، وصفائه، وخلوص نيته. هذا، ما رأيناه واضحا جليا، يوم تجمع الناس يريدون الحرية، ويريدون الكرامة الإنسانية، يوم تجمعوا على ذلك تلاشت الفروق، وتلاشت المفاهيم الشخصية والاتجاهات الذاتية، وأصبح الكل واحدا، كلمة واحدة، وصوتا واحدا. إنها آية من السماء، تعلمنا كيف يوم نجتمع على ذكر الله، قاصدين وجه الله، قاصدين كلمة سواء، قاصدين الخير والحق والفلاح سوف يظهر أفضل ما فينا، وسوف نجد حلولا لقضايانا. لذلك، كانت الجماعة، أمرا مهما في الإسلام.. (٢٠١١/٩/٢٣)

فالجماعة، هي أساس ظهور المفاهيم الحقية، والمعاني الإنسانية. تسترشد هذه الجماعة، بما جاء في الرسالات السماوية من مفاهيم عالية، حتى يساعدها ذلك، أن تخرج أفضل ما فيها. فالاجتماع مع الاسترشاد، يؤديان إلى وجود أفضل، ومخرج أقوم، مدركين دائما أن نبحث في المقصد وفي الهدف، في كل ما قيل لنا. فالرسالة التي توجه للناس جميعا في كل آية هي مقصدها، فالكلمات أدوات لنقل المقاصد، والجماعة أداة لفهم المقصد، حتى يمكن تطبيقه تطبيقا سليما… (٢٠١١/٩/٢٣)

عباد الله: ديننا يكبر ما أوجد الله فينا، ومجتمعاتنا تقلل من عطاء الله لها. ديننا يقول لنا: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون8) ومجتمعاتنا تقول لنا: لا تعملوا عقولكم ولا ما ترون في نفوسكم، فأنتم لستم أهلا لذلك. الحق يقول لنا: إن الإنسان قد حمل الأمانة9، والناس يقولون: إنكم في أسفل سافلين، لا تستطيعون ولا تعرفون شيئا. الحق يقول لنا: قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق …10 ، والناس يقولون : لا تفكروا، وإنما خذوا ما أتاكم الله فنفذوه. كيف ننفذ ونحن لا نفهم، ونحن لا نفكر، ونحن لا نبحث، ونحن لا نقدر ما أعطانا الله، من نعمة العقل، ومن نعمة المنطق، ومن نعمة الرؤيا والقياس، ومن نعمة الفعل والتغيير؟…” (٢٠١١/٩/٢٣)

… لا نستطيع أن نقول: أن كل الناس سوف يتوحدون على قبلة ووجهة واحدة فلا يجب استخدام كلمة التوحد لنقول إن الناس جميعا يجب أن يكونوا على رأي واحد. وإنما يجب. نفهم كيف نجمع ببين التجمع والتفرد، بين االإتفاق والاختلاف وهذه من الأمور التي يظهر فيها تناقض، إلا أننا حين نتأمل بعمق، نجد أن هذا التناقض يزول. إنا إذا تأملنا في خلق الإنسان، نجد أن كل إنسان متفرد في ذاته وفي صفاته، فلا يوجد إنسان مثل إنسان، وإنما كل إنسان له صفاته وله قدراته وله ملكاته، ومع ذلك، يمكن أن يجتمع إنسان مع إنسان، على هدف يريدان أن يحققاه. وكذلك في الأمة، قد تكون هناك جماعات، كل له رؤيته، وكل له سياسته، وكل له منهجه، ولكن لا يمنع ذلك، أن يتفق الجميع على أن يتعاونوا في أمر ما، وفي هدف ما. فكما بدأنا الحديث، فإن سر القوة في أي جماعة، هي أن يكون لها هدف تريد أن تحققه، وأن سر القوة في أي مجتمع، أن يعرف كيف يدير كل هذه المجموعات، وأن يخلق هدفا واحدا، يريدون جميعا أن يحققوه. (٢٠١١/١٢/٣٠)

٣-١-٥-٦-ذكر الله الذي نجتمع عليه هو أن نستحضر معنى إن لم تكن تراه فإنه يراك

ذكر الله، هو أن تستحضر معنى علاقتك بالغيب في كل لحظة وحين ، إنه الإحساس بالغيب دائما، إنه القيام في معنى: (… إن لم تكن تراه، فإنه يراك11 …). إن قيامك في معنى: “إن لم تكن تراه، فإنه يراك”، هو أنك تؤمن به غيبا، فإذا آمنت به، أصبح شهادة، حتى وإن كنت لا تراه. لذلك، قال الإمام علي: (كيف أعبد ما لا أرى12؟..). فإذا قام العبد في هذا الحال رآى الله منعكسا في الشهادة، رآه في كل ما يحدث له وفي كل ما يصدر عنه، رآه في نفسه الزكية، ورآه في نفسه الأمارة بالسوء، رآه في رحمانه وفي شيطانه، رآه فيما يصيبه من خير وما يصيبه من شر. وأصبح برؤيته له في كل أمر، مكبرا إياه عن أي صورة يحبها أو يكرهها، وقد أدرك أن الحب والكره ـ من وجهة نظره ـ لا يعنيان شيئا بالنسبة لعلاقته بالله، إنهما فقط مقياس ليستطيع أن يتحرك على هذه الأرض وليعيش عليها، أما الله فهو أكبر مما يحب وأكبر مما يكره، وهو يعلمه ذلك في قوله: (…عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم13…). (٢٠١٨/٢/١٦)

٣-١-٥-٧-ذكر الله الذي نجتمع عليه هو أن نكون في حال من الحمد والإستغفار الدائم

فذكر الله، هو أن تكون في هذا الحال، الذي يحمد ويستغفر في نفس الوقت، الذي لا يحكم أحكاما مطلقة، الذي يشعر بافتقاره إلى العلم والمعرفة، وبافتقاره إلى توفيق الغيب له. القيام في هذا الحال يكون ذكرا لله، وأي حال يجعلك شاعرا بعظمة وكبر وإحساس بالإحاطة، هو بعد عن أن تكون ذاكرا لله. لذلك، فإنا يوم نجتمع على التواصي بالحق والصبر بيننا، يوم نجتمع على أن نذكر أنفسنا بذلك، يوم نجتمع على الدعاء والطلب والرجاء، يوم نجتمع على طلب الصلة وإقامة الصلاة، يوم نتواصى بالحق والصبر بيننا في غير تكبر، بل في تواضع وافتقار، فإنا نكون مجتمعين على ذكر الله. فالاجتماع هنا، هو اجتماع على حال وليس اجتماعا لأجساد، وذكر الله هو حال وليس فعلا بذاته، فقد تكون مسبحا ولكنك لست ذاكرا، قد تكون مؤديا لشعائر الصلاة ولكنك لست ذاكرا، قد تكون متواجدا بجسدك مع إخوان لك في الله، أو على تحدث في أمور لها علاقة بوجودك المعنوي، ولكنك لا تكون ذاكرا. الذكر، هو أن تخلي وجودك كله من أي حال مسبق، أوفكرة، أوعقيدة، أو إحساس، أو قرار، أو مفهوم. إنه حال تقبل واستقبال، حال تخل عن أي صورة أو شكل، طلب الحق دون أن نحدد له صورة، طلب الاستقامة دون أن نحدد لها شكلا… (٢٠١٨/٢/١٦)

٣-١-٥-٨-ذكر الله هو العلم الدائم المتجدد

(اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون14)، يذكرون دائما ولكن لا يتذكرون (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون15). قد نفهم أن هذا الذكر هو ما جاء في عصر النبوة، وهذا صحيح، ولكن ما معنى هذه الآية لنا، ونحن نقرؤها اليوم، ونستمع إليها اليوم؟ ماذا يعني ذكر الله؟ ماذا يعني: “ذكر من ربهم”؟ إن الذكر هنا، هو العلم الدائم المتجدد (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتىٰ يتبين لهم أنه الحق16 …). فذكر الله لا ينتهي، وعلم الله لا ينتهي، وكلمات الله لا تنتهي، (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدد17ا). وحين ينبهنا الحق إلى ذلك: (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون18)، “ذكركم” هنا، تحتاج أن نتوقف عندها، فحين تقرأ ماذا قال الذين يفسرون هذه الآية، سوف تجد أنهم فسروا “ذكركم” بمعان كثيرة، وكل أولها بصورة ما، فبعضهم قال حديثكم، وبعضهم قال شرفكم، وبعضهم قال دينكم. لنتدبرأولا “أفلا تعقلون”، كيف يعقل الإنسان؟ حين نقول أنه شيء معقول، هو أن يتوافق هذا الشيء مع ما نستحسنه، ومع المبادئ الأساسية التي نتفق عليها، والتي تؤدي إلى هذا الشيء المعقول، إنه الشيء الذي يتفق مع العلم والمعرفة، مع الإدراك والفهم، مع أسباب الحياة التي علمناها، مع القيم التي عشناها، مع الأفضل والأحسن الذي تعلمناه والذي هو موجود في وجداننا وفي ضمائرنا، ما تستريح له قلوبنا، وما تستريح له عقولنا. (٢٠١٩/١١/١٥)

٣-١-٦-أداء المناسك

أداء المناسك هو القيام بالجسد مع الاتجاه إلى القلب. نوضح بعضا من المعاني لأداء المناسك حتى يتذكر الإنسان هذه المعاني وهو يؤديها فيكون ذلك عونا له: لا يمن الإنسان على الله إيمانه بأداء المناسك بل الله يمن عليه أن هداه للإيمان وجعل له هذه المناسك ليذكره، ذكر الله يجب أن يكون قائما في الإنسان دائما ولا يغيب عنه أبدا ولا ينتهي بانتهاء القيام في المنسك، الإنسان يرقى في الجماعة فجعل الله لنا يوما من أيامنا نجتمع فيه على ذكره، التنبيه على أن المناسك ليست مجرد حركات تؤدى بالجسد فإذا لم يكن لها أثر على حياة الإنسان لم يكن قد أداها، إقامة الإنسان لصلة بالله من خلال أداء المناسك يمكنه من الحصول على مدد يمكنه من مجابهة ظلام الحياة، كتاب الله يعلم الإنسان كيف يعرض وجوده للغيب وكيف معه يتصل من خلال ما شرع له من مناسك بها يتعبد، كل الأوامر لإلهية بأداء المناسك هي لتعريف الإنسان كيف يأخذ قوة من مصدر أعلى ليستطيع بهذه القوة أن يوجه طاقاته المادية في طريق الخير والفلاح، ممارسة قيام الإنسان بالمنسك فيه شق لتوصيل رسالة لمن يلحق به، وشق آخر ليقرأه بعمق.

٣-١-٦-١-لا يمن الإنسان على الله بأداء المناسك، بل الله يمن عليه أن هداه للإيمان وجعل له هذه المناسك ليذكره

… فيجب أن نعرف الصيام وألا نمن على الله بصيامنا وصلواتنا وزكاتنا فالله يمن علينا أن هدانا للإيمان، يمن علينا أن جعل لنا هذه المناسك لنتدرب فيها. نكون رجالا يحسون بذكر الله ويعرفون ذكر الله. ذكر الله قائم في نفوسهم، ذكر الله تنبض به قلوبهم، ذكر الله يدور دائما في عقولهم.. (١٩٧٠/١١/٦)

٣-١-٦-٢-ذكر الله يجب أن يكون قائما في الإنسان دائما

…هل نحن حقا عبادا لله؟ هل عرفنا معنى العبودية لله؟ هل أزلنا التراب والرماد عن نفوسنا وعن قلوبنا فرأينا الله حقا في قلوبنا، ورأينا معنانا قائما في معناه؟ هل قمنا في الله وأصبحت صلاتنا متصلة دائمة وذكر الله في قلوبنا لا يقف؟ هل صلاتنا أصبحت لا تنتهي بمجرد انتهاء المناسك؟ إن صلاتنا لو انتهت بانتهاء ما نؤديه من مناسك لكنا ما صلينا، وذكر الله إذا انتهى في وقت معين وأنهيناه ما ذكرنا. إن الصلاة وذكر الله يجب أن يكونا قائمين فينا دائما، لا يغيبان عنا، ولا يبعدان عنا.. (١٩٧٠/١١/١٣)

٣-١-٦-٣-الإنسان يرقى في الجماعة فجعل الله لنا يوما من أيامنا نجتمع فيه على ذكره

…إن دين الفطرة قد جعل لنا في مناسكنا وشعائرنا حديثا دائما يوجهنا، وذكرا دائما ينبهنا، جعل لنا في عباداتنا ما إن تأملنا في عبادتنا يساعدنا على إدراك حقائق الحياة، وصلاة الجماعة كعبادة توضح لنا فضل الجماعة، وأن الإنسان يرقى في الجماعة، فجعل لنا يوما من أيامنا نجتمع فيه على صلاة، نجتمع فيه على صلة في الله، نجتمع فيه على طلب ورجاء في الله، نتعرض فيها لنفحات الله فيطهرنا، وينقينا من شوائب نفوسنا، ومن ظلام ذواتنا، ومن عثرات حياتنا، نتعلم فيها كيف يكون جمعنا في الله، وكيف يكون طريقنا في الله، وكيف تكون حياتنا لله.. (١٩٨٣/٩/٢٣)

٣-١-٦-٤-التنبيه على أن المناسك ليست مجرد حركات تؤدى بالجسد فإذا لم يكن لها أثر على حياة الإنسان لم يكن قد أداها

ويرى الناس وهم عن الدين يتحدثون، دينهم جزء من مادي قيامهم، ومن ظاهر حركتهم، لمناسكه بأجسادهم يؤدون، وبعصبية به يتمسكون، ولمصالح مادية يقدرون، وللسلطان يطلبون، ولجاه الدنيا يعبدون. دول تتصارع على الدنيا وما فيها، والدين عندهم هو أداة كسب، وأداة تميز لوجودهم كجنس وكعنصر.. (١٩٨٦/١١/٢١)

٣-١-٦-٥-إقامة الإنسان لصلة بالله من خلال أداء المناسك يمكنه من الحصول على مدد يمكنه من مجابهة ظلام الحياة

الصلاة صلة بين العبد وربه، عليك أن تقيم هذه الصلة، فبإقامتك لهذه الصلة تحصل على مدد يمكنك من مجابهة ظلام الحياة. الظلام الذي يحيط بنا من نفوس مظلمة، الظلام الذي يحيط بنا من شياطين قائمة. إنك لا تستطيع أن تكون في مجابهة كل هذا الظلام دون سند روحي ودون مدد روحي. إنك في حاجة الى قوة حقية تساندك في طريقك، وفي حياتك، إن أردت أن تكون في استقامة، وإن أردت أن تكون في الطريق الصحيح.. (١٩٩٣/١٢/٢٤)

٣-١-٦-٦-كتاب الله يعلم الإنسان كيف يعرض وجوده للغيب وكيف معه يتصل من خلال ما شرع له من مناسك بها يتعبد

إن كتاب الله يعلمكم كيف لغيب وجودكم تعرضون، وكيف معه تتصلون، وكيف له تسمعون. يعلمكم ذلك من خلال ما شرع لكم من مناسك بها تتعبدون، ومن آيات لها تقرأون. فاقرأوا آيات الله قراءة عميقة، حتى تدركوا ما فيها من معاني ومفاهيم أكبر من الصور والأشكال. إن هذا الإدراك العميق هو الذي يحييكم، ويخرجكم من الظلمات الى النور، ويجعلكم عبادا لله صالحين. يعلمكم كيف تتعاملون، وكيف تسلكون. كما يعلمكم ماذا تقصدون وما هو هدفكم الذي إليه تهدفون. فتكون لكم رسالة لها تؤدون، ويكون لحياتكم معنى فيه تقومون، وتكون كل لحظة من لحظات حياتكم هي كسب لكم في الله، وتعامل مع الله… (٢٠٠٠/٤/٢١)

٣-١-٦-٧-كل الأوامر لإلهية بأداء المناسك هي لتعريف الإنسان كيف يأخذ قوة من مصدر أعلى ليستطيع بهذه القوة أن يوجه طاقاته المادية

… فكانت كل الأوامر لتعريف الإنسان كيف يأخذ قوة من مصدر أعلى، ليستطيع بهذه القوة أن يوجه طاقاته المادية، في طريق الخير والفلاح. فكانت كل العبادات لتوجيهه لكيفية تلقي هذه القوة الروحية. كانت الصلاة لربطه بهذا المصدر الحقي، وكان الصوم لتعرضه لنفحات الله الروحية، وكان الحج لاقترابه من مصدر النور، وكانت الزكاة لتعريفه أنه مخلف على هذه الأرض، وأنه لا يملك شيئا وإنما الملك لله، وأن عليه أن يزكي نفسه، وألا يكون مرتبطا بمادي الحياة.. (٢٠٠٣/٦/٢٧)

٣-١-٦-٨-ممارسة قيام الإنسان بالمنسك فيه شق لتوصيل رسالة لمن يلحق به، وشق آخر ليقرأه بعمق

إن ممارسة قيامنا بالمنسك فيه شق لتوصيل رسالة لمن يلحق بنا، وشق آخر لنقرأه بعمق. وهناك من الناس من يقرأون هذه الرسالة بعقولهم وأرواحهم. القيام الذاتي بالمنسك قد يكون وسيلة فاعلة ليقرأ الإنسان هذه المعاني إن كان هو أهل لذلك. ولكن الكثيرين ليس عندهم المبادئ الأساسية للقراءة فلا يقرأون، مثلهم مثل الذي لا يقرأ ولا يكتب، حين يرى صحفا مكتوبة أمامه لا تعني له شيء، ولا تعبر عن شيء. فنحن في حاجة أن نتعلم كيف نقرأ رسائل الله لنا، وهذا هو العلم النافع الذي يعلمنا كيف نقرأ آيات الله في الآفاق وفي أنفسنا. إن في أصولنا ما يمكننا من أن نتعلم هذه القراءة، ولكننا يا للأسف لا نفعل ذلك، وإنما نعيد رسم الأشكال ونرددها ولا نقرأها، هناك فارق كبير بين أن يردد الإنسان الأشكال والحروف، وبين أن يقرأها قراءة عميقة. الدين ليس مجرد ترديد للكلمات وللشعارات، وإنما هو تعليم للإنسان وتدريب له، حتى يستطيع أن يتفهم ما يقرأه أو ما يردده، فتقوم فيه وتحييه وتجعله أفضل… (٢٠٠٧/١٢/٢١)

شرع الله لنا من المناسك ما فيه رسالة دائمة لنا، لا يمسها تحريف الكلمات، أو النقل، أو سوء الفهم. مناسك ينقلها إنسان إلى إنسان، تتمثل في أفعال يأتيها، وأمور يقوم بها، فتكون هذه الحركات والمناسك والأفعال، رسالة دائمة للإنسان، ليتأمل ويتفكر ويتذكر رسالته على هذه الأرض. ..(٢٠١٣/١٠/٢٥)

٣-١-٧-الاستغفار

الاستغفار هو ذكر قلبي لترسيخ معنى الرجوع إلى الحق والتعلم من الذنب وهو من قوانين رحمة الله. وللاستغفار طرق ومعاني كثيرة: الذي يستغفر حقا يجد الله غفورا رحيما فيشكر الله ويبشر الناس. كلما ازداد الإنسان قربا كلما ازداد خوفا، وكلما ازداد كمالا كلما طلب رحمة واستغفر ربه أكثر. الإحساس بنعمة الله يؤدي إلى الإحساس بطلب المغفرة وبطلب الرحمة فلا يدخل الجنة أحدنا بعمله. بنعمة الله يرى الإنسان ظلامه أوضح فيستغفر فيرى نعمته أكثر. لا ييئس الطالب بما فيه من ظلام، بل يطمع في رحمة الله ولا يقنط من مغفرة الله. قانون الاستغفار هو القانون الذي من خلاله يعمل ويتحرك الإنسان فإن لم يكن هناك استغفار ما تجرأ ان يتكلم أو أن يفعل شيئا أو يتحرك حركة. إن الاستغفار الحقيقي هو أن يفعل الإنسان فعلا يغير ما في داخله من ظلام. إذا يئست النفس وظنت ألا صلاح لها سارت أكثر في طريق الظلام فكان التذكير بالتوبة والمغفرة هو علاجها. الفقرات التالية تبين المعاني المختلفة للاستغفار الذي هو عبادة قائمة على قانون المغفرة.

٣-١-٧-١-الذي يستغفر حقا يجد الله غفورا رحيما فيشكر الله ويبشر الناس

… إن الله مع الذين عاذوا ولاذوا، واستغفروا وشكروا باسمه، فوجدوا الله غفورا رحيما. هؤلاء حينما عرفوا ذلك، وأدركوا ذلك، وقاموا ذلك، أرادوا وأحبوا أن يعرفوا الناس، وأن يكون للناس من الله ما لهم من الله، فبشروا وعملوا، وعلموا ما تعلموا، حتى يصبح للناس ما أصبح لهم… (١٩٧٠/٩/٤)

٣-١-٧-٢-كلما ازداد الإنسان قربا كلما ازداد خوفا وكلما ازداد كمالا كلما طلب رحمة واستغفر ربه أكثر

… (لن يدخل الجنة أحدكم بعمله قالوا حتى أنت يا رسول الله قال بلى إن لم يتغمدني الله برحمته19) هذا حديث قد يفهمه البعض فيقول إننا مثل رسول الله أو يقول إذا كان هذا حال رسول الله فكيف يكون حالنا. إن هذا الحديث يوضح لنا أن كمال الاستقامة، وكمال المعرفة يحتم على الإنسان أن يكون طالبا رحمة الله (أنا أقربكم من الله وأخوفكم منه20). كلما ازداد الإنسان قربا كلما ازداد الإنسان خوفا، كلما ازداد الإنسان كمالا كلما طلب رحمة أكثر، واستغفر ربه أكثر، لأن قانون الرحمة ليس كما نتخيل، وليس كما نتصور في تعاملنا بيننا كإنسان مع إنسان، إن رحمة الله أوسع وأشمل، وإن كل ما ينسب الى الله أكبر مما يجول بخاطرنا، ومما نتصور، فرحمته أكبر وعدله أكبر ومغفرته أكبر.. (١٩٨١/١٢/١٨)

٣-١-٧-٣-الإحساس بنعمة الله يؤدي إلى الإحساس بطلب المغفرة وبطلب الرحمة فلا يدخل الجنة أحدنا بعمله

…فما كان إحساسنا بنعمة الله بنا إلا إحساس بطلب لمغفرة، وبطلب لرحمة، فتعلمنا أن رحمة الله أكبر، وتعلمنا ألا يدخل الجنة أحدنا بعمله (لا يدخل الجنة أحدكم بعمله حتى أنت يا رسول الله حتى أنا ما لم يتغمدني الله برحمته). رحمة الله بالإنسان أن يجعله إليه دوما مفتقرا، وأن يجعله دوما إليه طالبا، وأن يجعله دوما له عبدا يقصد وجهه، ويطلب عفوه، لأنه يعلم أن الكسب في الله لا نهاية له، وأن ما من كمال إلا وعند الله أكمل منه.. (١٩٨٧/٩/١٨)

٣-١-٧-٤-بنعمة الله يرى الإنسان ظلامه أوضح فيستغفر فيرى نعمته أكثر

دين الحق يعلمكم أن انتسابكم لنقطة الحق هو في أن تكبروها في قلوبكم، وأن تقدروها في وجودكم، وأن يكون أملكم ورجاؤكم ومقصودكم وهدفكم أن يكون رسول الله وليكم، وحاكمكم، وقائدكم، من إليه تتجهون، وبه تسألون وتتوسلون وتتشفعون، بحصنه تلوذون، ولسفينته تركبون، ولركبه فيه تسيرون وتلحقون، لا يلهيكم هدف مادي، ولاوجود ذاتي، إنما كل حياتكم له، وله تسلمون (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم21). هكذا تعلمنا في طريقنا، وكان فضل الله علينا عظيما، وكانت نعمة الله بنا كبيرة. نذكر نعمته وبنعمته نرى ظلامنا أوضح، فنستغفر عن ظلامنا، ونستغفر عن غفلتنا، ونستغفر عن تقصيرنا، فنرى نعمته أكثر، وبنعمته نرى عيوبنا، وباستغفارنا نشعر بنعمته علينا، فنكون بذلك في ذكر ودعاء دائم (.. أدعوني أستجب لكم..22) (قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان.. 23).. (١٩٨٨/١/١)

٣-١-٧-٥-لا ييئس الطالب بما فيه من ظلام، بل يطمع في رحمة الله ولا يقنط من مغفرة الله

ولا ييئسكم ما فيكم من ظلام، بل تطمعون في رحمة الله، ولا تقنطون من مغفرة الله (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا..24 )، (.. إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون25) (٢٠٠٠/٤/٢١)

٣-١-٧-٦-قانون الاستغفار هو القانون الذي من خلاله يعمل ويتحرك الإنسان فإن لم يكن هناك استغفار ما تجرأ ان يتكلم أو أن يفعل شيئا

دين الفطرة فتح لنا باب المغفرة، وعلمنا قانون الاستغفار. إنه القانون الذي من خلاله نعمل ونتحرك. فإن لم يكن هناك استغفار ما تجرأنا ان نتكلم، أو أن نفعل شيئا، أو نتحرك حركة. ولكننا تعلمنا أن نعمل، وأن نجتهد، وأن نجاهد. إن أخطأنا فلنا أجر، وإن أصبنا فلنا أجران26. وربما تعلمنا من خطأنا أكثر مما تعلمنا من صوابنا، فنرجع إلى الله، ونتوب إليه، ونستغفره (ومن يغفر الذنوب إلا الله..27)، (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا28)، (إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر دون ذلك لمن يشاء…29) (٢٠٠٠/٩/٢٢)

٣-١-٧-٧-الاستغفار الحقيقي هو أن يفعل الإنسان فعلا يغير ما في داخله من ظلام

… فليست القضية في المعصية في حد ذاتها، فهي فعل قد لا يضر أحد، ولكن ما يضره هي نيته التي تدفعه الى هذه المعصية. إن الاستغفار الحقيقي هو أن يفعل الإنسان فعلا يغيره من داخله، يغير ما يحفزه الى هذا الظلام، هذا هو التغيير الحقيقي، وهذه هي المغفرة الحقيقية. بهذا التغيير يكون الله قد غفر له. فكل الطاعات هي محاولة للتغير من الداخل، وليست لمجرد فعل ظاهري. (٢٠٠٢/٢/١)

٣-١-٧-٨-إذا يئست النفس وظنت ألا صلاح لها سارت أكثر في طريق الظلام فكان التذكير بالتوبة والمغفرة هو علاجها

… ما نفتقده في مجتمعنا اليوم هو تحول الدين الى الحديث عن تفصيلات الأمر والنهي، دون التطرق الى الهدف مما أمرنا به، ونهينا عنه، في إطار متكامل. لقد خلق الإنسان ضعيفا، وضعفه فيما فيه من ظلم وظلام. النفس البشرية في ظلماتها تحاول أن تبعد الإنسان عن طريق الحق والصلاح. فإذا يئست وظننت ألا صلاح لها، سارت أكثر في طريق الفساد والظلام، وتغلبت على ما فيها من نور كامن بيأسها وضعفها. فكان التذكير بالتوبة والمغفرة، هو ما يساعد الإنسان على المحاولة المستمرة… (٢٠٠٣/٦/٢٧)

Footnotes

  1. البقرة: ١٨٦

  2. الأحزاب: ٦

  3. الياقوتة الشاذلية

  4. الأحزاب: ٥٦

  5. الزخرف: ٦٧

  6. النور: ٣٧

  7. آل عمران: ١٩١

  8. الذاريات: ٢١

  9. الأحزاب: ٧٢ - إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان…

  10. العنكبوت: ٢٠

  11. حديث: البخاري

  12. نهج البلاغة الإمام علي

  13. البقرة: ٢١٦

  14. الأنبياء: ١

  15. الأنبياء: ٢

  16. فصلت:٥٣

  17. الكهف: ١٠٩

  18. الأنبياء: ١٠

  19. حديث: البخاري ومسلم- ” سددوا وقاربوا، وأبشروا، فإنه لن يدخل الجنة أحدا عمله قالوا: ولا أنت؟ يا رسول الله، قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله منه برحمة، واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل.”

  20. حديث: البخاري- “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا”

  21. الأحزاب: ٦

  22. غافر: ٦٠

  23. البقرة: ١٨٦

  24. الزمر: ٥٣

  25. يوسف: ٨٧

  26. حديث: أبو داود، وابن ماجة وأحمد

  27. آل عمران: ١٣٥

  28. الزمر: ٥٣

  29. النساء: ٤٨