تخطَّ إلى المحتوى

١-٢-الإيمان بالشهادة

الإيمان بالشهادة هو ما يصل إليه الإنسان باستشعاره بحواسه، وبإعمال عقله المقيد، وما يمارسه على أرض الواقع في أمور حياته. الفقرة التالية تعبر عن مفهوم الإيمان بالشهادة بصورة عامة:

إن الحقيقة المطلقة التي نستطيع أن نتمسك بها على هذه الأرض، هي افتقارنا، وضعفنا، وجهلنا، وقلة حيلتنا، وقلة إدراكنا، وإن الباطل المطلق هو التكبر، والتجبر، والاغترار، واعتقاد العلم المطلق، واعتقاد التنزه عن الباطل.

(٢٠١٥/٢/٢٠)

وقد جمعت ست عشرة قضية أو مفهوما تتناول ممارسة الإيمان بالشهادة في واقع حياتنا. المعيار الذي استخدمته لتحديد انتماء المفهوم لهذا الجزء هو “هل يمكن لأي من أبعاد المفهوم إثباتها أو مشاهدة أثرها في الواقع؟” إذا كانت الإجابة بنعم فإنها تنتمي لهذا الجزء وإلا فيتم نقلها إلى جزء “الإيمان بالغيب”.

١-٢-١-الإيمان بكتب الله

الإيمان بكتب الله هو أنها تكشف قانونه. كتب الله تساعدك أن تتعرف على الوسائل لتعلم أسباب الحياة ولتتخطى العقبات التي تحول بينك وبين ما فيك من طاقات روحية… (٢٠٠٦/١٢/٢٢)

١-٢-٢-الإيمان برسل الله

الإيمان برسل الله الذين كانوا قدوة وأسوة لأنهم كانوا مثلك من البشر، إنهم المثل الحي للإيمان بالله، وللإيمان بكتب الله. رسل الله يفكرون ويجتهدون ويقرؤون ويجاهدون ويخطئون ويصيبون ويستغفرون لنتعلم أن في أمور حياتنا، علينا أن نمارس التجربة، وأن نتبع ما هو أحسن. عصمة رسل الله أن نياتهم لله، وأن مقصودهم وجه الله… (٢٠٠٦/١٢/٢٢)

١-٢-٣-علم الإنسان البيان وألهمه ما يحيه وما يشقيه

الإيمان بأن الله قد علم الإنسان البيان وألهمه ما يحيه ويشقيه توضحه الفقرتان التاليتان. الفقرة الأولى تشير إلى ما أعطى الله الإنسان من قدرات على الرؤية وعلى التعبير فإما أن يستخدم هذه القدرات لينجو أو ليشقى. الفقرة الثانية تركز على أهمية استخدام العقل ليتعلم الإنسان ويعمر فإذا تركه جهل وتخلف.

١-٢-٣-١-أعطى الله الإنسان قدرات للرؤية والتعبير لينجو أو ليشقى

.. وأعطى الله للإنسان أدوات ليستخدمها لتطوير وجوده (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين1)، وألهم الله نفس الإنسان ما يجعلها تضل عن سبيل الحياة و ما يجعلها تهتدي إليه (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها2)، وأخبر الله الإنسان عن أحواله التي عليه أن يقومها (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه يقول رب أكرمن وإما إذا ما ابتلاه فقدرعليه رزقه فيقول رب أهانن3)، (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين4)، وعلم الله الإنسان كيف يعبر عن قوانين الحياة (الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان5)… (١٩٨١/٤/٣)

١-٢-٣-٢-أهمية استخدام العقل ليتعلم ويعمر فإذا تركه جهل وتخلف

هذا الإدراك وهذا الفهم يمكن أن نتعلمه من آيات الله (وعلم آدم الأسماء كلها6..). فحين نرى حولنا من يصف الإسلام بأنه دين لا يحترم العقل، نجد أن هذا ما أدى إلى ما آل إليه حال المسلمين اليوم من تخلف عن كثير من الأمم. المسلمون يوم أكبروا العقل، ويوم فكروا بعقولهم، ويوم تدبروا آيات الله لهم، عرفوا كيف يبنون حضارة، وكيف يتعلمون من الحضارات الموجودة، وكيف يضيفون إليها، وكيف يبحثون في آيات الله حولهم (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق7..) (٢٠٠٦/٩/٢٢)

١-٢-٤-علاقة العبد بربه

مفهوم علاقة العبد بربه هو مفهوم جوهري يحدد نية الإنسان في كل ما يقوم به. والفقرتان التاليتان تعبران عن أمرين أساسيين يجب التدبر فيهما. الأمر الأول هو عدم الفصل بين ما يريد الله وما يريد الإنسان فالإنسان في داخله يريد الحياة كما أرادها الله له، ولكن انشغاله بأحواله الدنيوية قد تحول بينه وبين ما في داخله. لذلك هو يحتاج لتدريب ليجعل حياته الدنيوية عاملا مساعدا لحياته الروحية وليس العكس. الأمر الثاني أن كل ما يصل الإنسان إليه بعقله وبما ثبتت أفضليته في التجارب الإنسانية التي هي تعبير عن قوانين الحياة وبالتواصي مع أفراد المجتمع لخيرهم هو من الدين ولا يتعارض معه.

١-٢-٤-١-عدم الفصل بين ما يريد الله وما يريد الإنسان

حين ننظر حولنا اليوم نجد مفاهيم كثيرة غير واضحة في الأذهان، مفاهيم كثيرة يغلب عليها التفكير السطحي، وعدم التعمق في مدلولها، وفي ماهيتها. فحين ننظر الى مفهوم الإنسان في علاقته بربه والذي ينعكس على مفهومه للعبودية لله، وعلى مفهومه للهدف من عمله وعبادته، نجد المفاهيم السائدة تفصل بين العبد وربه، تفصل بين إرادة الإنسان وإرادة الحق به. المفهوم السائد يجسد صورة لهذه العلاقة، خلقها الناس بسطحيتهم، وبسوء فهمهم، وحاربوا كل إنسان يحاول أن يصل الى عمق في هذه العلاقة… (١٩٩٠/١٢/٢٨)

١-٢-٤-٢-كل ما يصل الإنسان إليه بعقله وبما ثبتت أفضليته هو من الدين ولا يتعارض معه

إيمان الإنسان بالله هو في إيمانه بقانون الحياة. ولكن الناس بظن إيمان يهربون من قانون الحياة الى خيالات وأوهام من خلقهم. ويعتقدون أنهم بذلك يؤمنون بربهم.. (١٩٩١/٥/٢٤)

جاء لنا ديننا، ليعلمنا كيف نعيش لنكسب في الله. وكل معرفة نعرفها عن دنيانا، تقربنا أكثر إلى ديننا. والإنسان هو الجامع لرسالة الدين ولمعارفه الأرضية. في داخله يتفاعل الدين مع الدنيا، والآخرة مع وجوده الحاضر.اللبس الذي يحدث بين الدين والدنيا، هو أننا نخرج الإنسان من هذه المعادلة. نتصور أن الدين قيام بذاته، له شكل وله صورة، يمكن دون تدخل الإنسان بحكمته وبرؤيته وبوزنه للأمور، أن يقيمه، وأن يطبقه. هذا الفهم الذي يسود بين البعض يغفل أمرا هاما، وهو أن الدين كيان حي، يتفاعل مع الواقع، ويحتاج إلى الإنسان، ليقرءه ويفهمه ويتفاعل معه، كما يتفاعل مع ما هو قائم على أرضه… (٢٠١٢/٧/٢٧)

علاقة الإنسان بالله هي علاقة عبودية، العبودية الله هي تشريف وإكبار للإنسان، لأن معنى عبوديته لله هي تحرره من عبوديته لطاغوت، أو إنسان، أو شيء، أو كائن أيا كان. عبودية الإنسان لله هي حريته في أن يفكر بما أعطاه الله من نعمة التفكر، وأن يعمل على هذه الأرض ويبدع بما أعطاه الله من قدرة الإبداع، والعمل، والتغيير، والاستحداث، والابتكار، والخلق أيضا بصورة ما. فعبودية الإنسان لله، هي معنى خلافته على هذه الأرض.. (٢٠١٦/٥/١٣)

١-٢-٤-٣-علاقة الإنسان بالله وعلاقة الله بالإنسان

لا نستطيع أن نعرف علاقة الله بالإنسان كما عرفنا علاقة الإنسان بالله، وإن كان الله قد أخبرنا عن هذه العلاقة في بعض الأحاديث القدسية. فلنتأمل فيما أخبرنا به ونتدبره (كنت كنزا مخفيا، فأردت أن أعرف، فخلقت الخلق، فبي عرفوني8). الذين تأملوا في هذا الحديث، أخذوه بمعنى مباشر، وقالوا إن الخلق قد حدث نتيجة أن الله عنده صفة الحب، وأنه قد خلق الكون من محبته أن يعرف، وقد ألقت هذه الإجابة شكلا من الأشكال على صورة ذهنية لله، أنه وجود يحب أن يعرف، وهذا يتناقض مع إكبارنا لله، وتجريده من أي صورة أو شكل (…ليس كمثله شيء..9.). ولذلك، وقع الكثيرون في حيرة، وحين أخبروا (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فادعوه بها.10..)، وقعوا أيضا في حيرة فقد جسدوا هذه الأسماء، كما جسدوا صفة أنه يحب أن يعرف، وصنعوا صورة ذهنية لله من خلال هذه الأسماء. وهنا، نستطيع أن نقول أن هذه الكلمات التي خاطبنا بها الله يجب أن نتقبلها بمعان مجردة، فحب الله أن يعرف أمر مجرد، لا يجب أن نقيسه بمقاييسنا الأرضية، في أن يحب الإنسان أن يشار إليه، أو أن يكرم، إنه أكبر من ذلك، فحب الله لنا ليس له صورة، وحب الله أن يعرف أكبر من أي شكل أو صورة. وجودنا وخلقنا له حكمة، وهذه الحكمة أكبر من أن ندركها، وأن عبادتنا لله هي الأمر الوحيد الذي نستطيع أن ندركه، وأن قضيتنا هي علاقتنا نحن بالله، أما علاقة الله بنا فهذا أمر أكبر من أن ندركه… (٢٠١٦/٥/١٣)

إن الطريق في الله، هو علاقة بين العبد وربه، والعلاقة بين العبد وربه، هي علاقة تبدأ من العبد في أحوال، وتبدأ من الرب في أحوال أخرى. الآية: (…ادعوني أستجب لكم.11..) تشير إلى علاقة تبدأ من العبد، والحديث: (إبدأ بنفسك ثم بمن تعول12) علاقة تبدأ من العبد. الآية: (من يهد الله فهو المهتد13)، علاقة تبدأ من الرب. لذلك، ولنفهم هذا المعنى، سوف نجد أن الله من وراء كل شيء بإحاطته، فهو وراء الإنسان، يساعده أن يبدأ طريقا قويما، يساعده أن يدعوه، فهو من ناحية التجريد هو وراء كل شيء. البدء من الله، فهو يساعد الإنسان أن يكون ذاكرا، وأن يكون عابدا، وأن يكون مجاهدا. أما من جانب التقييد، فالإنسان هو الذي يبدأ. فحين نتأمل في الآية: (من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا14)، سوف تجد أن هذا هو القانون المجرد؛ لأنه في الواقع، أنت لا تستطيع أن تقول أن الله قد أضل فلانا، فالله لا يرى. إنك تستطيع أن تقول أن إنسانا هدى إنسانا، أو أضل إنسانا؛ لأنك ترى الهادي والمهتدي، وترى المضل والضال، ولكنك لا تستطيع أن تقول ذلك مع الله، وإنما تؤمن بأن ما يحدث على الأرض، وراءه الله في كل الأحوال، في كل صورة، وفي كل شكل. ولكن هذا لا يمنعك من أن تتصرف في قائمك، بما تراه أنت، وبما تفهمه أنت، من معنى الهداية والضلال (٢٠١٨/٦/١)

١-٢-٥-طلب العلم والعمل والذكر

طلب العلم والعمل بما تعلمه الإنسان والقيام في ذكر الله هو سنة من سنن الحياة. الفقرات التالية تؤكد هذا المعنى من ثلاث زوايا. الزاوية الأولى أن يكون الإنسان في انشغال دائم بالتعلم أو بالعمل حتى لا يكون تربة خصبة لظلام نفسه. الزاوية الثانية هي أن يكون في حال يكسب به في الله فإن لم يكن منشغلا بالعلم أو العمل فلينشغل بذكر الله. الزاوية الثالثة هي أن يحاول الإنسان أن يعكس البصر إلى داخله ليرى نتيجة علمه وعمله وذكره.

١-٢-٥-١-ينشغل الإنسان بالتعلم أو بالعمل حتى لا يكون تربة خصبة لظلام نفسه

… قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق15، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون16. آية تحثنا على العلم وآية تحثنا على العمل. فالإنسان يتعلم مما يعمله، ويعمل بما يتعلمه. أما إذا ترك الإنسان نفسه لهواها، وتكاسلها، وظلماتها، وأصبح إنسان لا يتعلم ولا يعمل، فإنه بذلك يكون تربة خصبة لظلام نفسه، ولشيطانه يجري منه مجرى الدم. خلقنا الله في ظل قوانين وأسباب لنكسب بها فيه، بالبحث والعلم والعمل… (٢٠٠٤/٣/١٩)

١-٢-٥-٢-ينشغل الإنسان بالذكر القلبي إذا لم يكن في علم أو عمل

… الذين انشغلوا بأن تعلموا، وأن يعملوا، وأن يذكروا، وإن لم يكونوا في علم أو في عمل، فهم في ذكر قلبي. عرفوا أنهم يجب أن يكونوا في حال يكسبون به في الله في كل لحظة من لحظات حياتهم. إذا لم يشغل الإنسان وجوده بهذه الأحوال، تظهر نفسه الأمارة بالسوء على السطح، لتجعل من رغباتها ومن طلباتها محورا لحياته. لذلك يذكرنا الله دائما في آياته أن ننظر حولنا، وأن نتأمل في كل ما يحدث في أرضنا، حتى نكسب من تأملنا، ومن محاولة معرفتنا لهذه الأسباب حولنا، وهذا هو طريق الفلاح، وطريق الصلاح.. (٢٠٠٤/٣/١٩)

١-٢-٥-٣-يحاول الإنسان أن يعكس البصر إلى داخله ليرى نتيجة علمه وعمله وذكره

… علينا أن نتعلم وأن نتفهم معنى وجودنا في هذا القيام الكثيف، علينا ونحن نجاهد، ونحن نذكر، أن نركز في دلالة ما نقوم به بالنسبة لنا، وأن هذا ضروري بالنسبة لرقينا الروحي، وأن اللحظات التي نقضها في ذكر الله، وفي التعرض لنفحات الله، لها قيمة كبرى في إحياء قلوبنا. قد لا نرى هذا الأثر بصورة مباشرة، ولكن الإنسان الذي يتأمل أحواله، والذي يحاول أن يعكس البصر إلى داخله، يمكنه أن يجرب كيف يكون حاله، وكيف يكون إحساسه إذا انقطع عن ذكر الله. بل أنه يمكنه أن يشهد ذلك فيمن يحيطون به في هذا العالم الأرضي، وهم كثيرون. إن ما نراه طبيعيا في وجودنا هو نتاج لما قمنا به. وكما يقول القوم في بعض أقوالهم، إن الله قد اختفي في شدة ظهوره. كذلك فإن أثر ما قمت به، اختفي في شدة ظهوره.. (٢٠٠٥/١/٢٨)

إننا إذا نظرنا حولنا، ووجدنا ما لا نعقله وما لا نقبله، علينا أن نتجه إلى الله ليعلمنا وليعرفنا الأفضل والأحسن والأقوم، بل إننا إذا صدقنا مع أنفسنا، لوجدنا أن الأحسن والأقوم سوف يجيئ لنا بإخلاصنا في تأملنا وتدبرنا. (وفي أنفسكم أفلا تبصرون17)، لو عكس الإنسان بصره إلى داخله، سوف يجد الحقيقة التي يبحث عنها، سوف يجد ما يريحه، ما يقبله، ما يطلبه، ما يقصده. إن التبليغ الذي جاء به الرسل والأنبياء، ما كان إلا ليمكن الإنسان من أن يعكس البصر إلى داخله، لأننا بظلام نفوسنا لا نستطيع أن نرى ما بداخلنا لكثافة هذا الظلام الذي يحول بيننا وبين قلوبنا. فما كان التبليغ الإلهي من خلال الرسل والأنبياء إلا لتمكيننا من أن نستطيع أن نخترق هذا الوجود الكثيف وأن نرى الحق فينا. فكانت كل العبادات لتمكيننا من أن نرى الحق في داخلنا… (٢٠١٥/١١/١٣)

١-٢-٦-وجود داعي الإيمان

هذا المفهوم يمكن مراقبته في الواقع، فالأرض لا تخلو ممن يدعو إلى الحق في كل زمان ومكان. والثلاث فقرات التالية توضح ثلاث قضايا مرتبطة بهذا المفهوم. القضية الأولى هي استجابة داعي الإيمان لمن يطلبه من داخل الإنسان ومن خارجه. القضية الثانية هي أن البشرية لم تخل من الرسل، والأنبياء، والأولياء، والعلماء. القضية الثالثة هي أن الله قد أعطى الإنسان قوة روحية تساعده على التوازن، مع القوة الظلمانية التي وجدت في ذاته.

١-٢-٦-١-استجابة داعي الإيمان لمن يطلبه

وها هو الحق يخاطب رسوله بأن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، وأن يصبر نفسه مع هؤلاء الذين رضوا بالله ربا، والذين رضوا بالآخرة مقاما ومستقرا، الذين عرفوا حياتهم ممتدة، وعرفوا وجودهم باقيا، أن يصبر نفسه مع هؤلاء الذين يرجون لقاء ربهم. هؤلاء موجودون في كل عصر، وفي كل مكان، ينظرون الى الحياة حولهم، وينظرون الى قلوبهم، فيجدوا داعي الإيمان، فيقولوا (إنا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا18). سمعنا مناديا في خارجنا وداخلنا، في ظاهرنا وباطننا، سمعناه بين جوانحنا، وسمعناه في الحياة حولنا، يعلمنا ويرشدنا ولما يحيينا يوجهنا، أبواب الحياة يفتح لنا، فيكشف لنا ما غم علينا، ويوضح لنا ما فيه اختلفنا، فنجده واضحا جليا ظاهرا… (١٩٨٥/٢/٨)

١-٢-٦-٢-البشرية لم تخل من الرسل والأنبياء والأولياء والعلماء

إن رسول الله هو قيام دائم يحمل رسالة الحق إلى البشرية (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا19). ولاستمرار هذه الرسالة قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه (العلماء ورثة الأنبياء 20) لأن الأنبياء كانوا في دوام تواجد في بني إسرائيل، نبي بعد نبي لتعليم الناس، وإرشادهم، وتوجيههم، وإنارة الطريق أمامهم. فرسالة الرسل هي كشف قانون الحياة، وتطبيقه، والقيام فيه، ليكونوا مثالية، وقدوة للبشر جميعا. وقضية الأنبياء هي التذكير الدائم بهذا القانون… (٢٠٠٠/١٢/١٥)

١-٢-٦-٣-أعطى الله الإنسان قوة روحية تساعده على التوازن، مع القوة الظلمانية

.. أراد الإنسان أن يعرف حكمة وجوده، وكيف يسلك ويكسب حياته، فكانت الرسالات والرسل، وكان الأنبياء والأولياء وعباد الله الصالحون، الذين يدعون النا س الى ما يهديهم، والى ما ينير لهم طريقهم. فكانت شهادة أن محمدا رسول الله هي شهادة جامعة لمعنى الرسول على هذه الأرض. إن وجود الإنسان من خلال هذه الذات، ومن خلال ما أودع الله فيه من قدرات، وإمكانات وشهوات أيضا، هي لتحريكه وتدريبه على الحياة. فأعطاه الله قوة روحية تساعده على التوازن، مع القوة الظلمانية التي وجدت في ذاته… (٢٠٠٣/٦/٢٧)

أمرنا أن نتعامل مع الله من خلال آلائه، من خلال تجلياته، ومن خلال مخلوقاته وكائناته وقوانينه وأسبابه، فيما هو مشهود لنا على هذه الأرض، وجاءت لنا الرسل والأنبياء ليعلمونا ذلك، وليعلمونا كيف نتعامل مع واقعنا، ومع ما هو مشهود لنا. وكانت شهادة أن محمدا رسول الله هي تعبير عن ذلك، ليوضح لنا كيف يكون التعامل مع ظاهرنا ومع ما هو مرئي لنا، وأساس هذا التعامل هو قدرة الإنسان على التفكر والتدبر. ورسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ قبل البعثة كان يفكر ويتدبر بما هو موجود فيه من فطرة ترفض ما يراه أمامه، فهو يريد أن يكون صادقا فيما يفعله، أن يكون صادقا في عبادته، أن يكون صادقا في صلاته، أن يكون صادقا في ذكره، أن يكون صادقا في عمله، لا يريد أن يفعل شيئا لا يرى فيه خيرا، ولا يرى فيه نفعا، ولا يرى فيه عقلا، ولا يرى فيه نتيجة، فذكر ربه، ودعا ربه أن يعلمه وأن يعرفه، هذا هو المنهج الذي يجب أن نكون عليه.. (٢٠١٥/١١/١٣)

١-٢-٧-العلم اللدني

هذا المفهوم ممكن أن يلاحظه كل فرد يوم يعمل حواسه ليرى ويسمع ويعمل عقله ليتفكر فيتولد علم من داخله. لا نقصد بالعلم اللدني أنه يأتي من فراغ، ولكن هو علم ينبع من داخل الإنسان ولا يكون ترديدا فقط لكلام الآخرين. والثلاث فقرات التالية توضح ثلاثة قضايا مرتبطة بهذا المفهوم. القضية الأولى هي التوجه إلى الغيب ليوفقك لقراءة ما تراه في الشهادة فتتعلم. القضية الثانية هي التركيز في قراءة آيات الحق على ما أخبرنا به عن قديمنا وقادمنا باتجاهنا إلى قلوبنا ليساعدنا ذلك في حاضرنا. القضية الثالثة هي عن تعريف ما وصف بالعلم الأعلى والذي ينبع من التجربة الذاتية.

١-٢-٧-١-التوجه إلى الغيب ليوفقك لقراءة ما تراه في الشهادة

هل تأملنا في ديننا وهل قرأنا قرآننا (اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم21). فكيف نقرأ؟ وكيف نتأمل؟ وكيف نتدبر؟ هل نقرأ بظاهر عيوننا؟ وبشكل تعلمناه في رسم حروفنا؟ أم نقرأ باسم ربنا؟ ونتوجه إليه بدعائنا، ونستحضره في قيامنا، ونتجه إليه في قلوبنا، ثم نتوجه بعد ذلك بعيوننا فنقرأ معاني الحياة، فيما هو مسطور بين أيدينا، من قرآن وجودنا، وسنة نبينا، وكلام حقنا (… ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب22). الذين يؤمنون بما وراء الطبيعة، الذين يؤمنون بأنهم بدعائهم وباتجاههم وبسؤالهم لربهم يشحنون بقوة وجودهم، ويعلموا ما لم يكونوا من قبل به عالمين (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب…23). إن ديننا قائم على العلاقة بالغيب طلبا للحق في واقع الإنسان، وليس ظنا أو تخمينا (إن الدين لواقع24) لأنك يوم تتجه الى الغيب مؤمنا، سترى الغيب واقعا فيما يلهمك به، ويدفعك إليه… (١٩٨٥/٤/١٢)(١٩٩٧/١/٣)

الحياة على هذه الأرض، ليست فقط في أن تقوم عليها، وتتحرك، وتعمل، وترزق، إنما الحياة الحقة هي أن يحيا قلبك، وأن ينير عقلك، وأن تشعر بمعية الله معك، في كل أحوالك ومعاملاتك، في كل حركة وسكنة، في كل تعامل ومعاملة، وأن تكون حيا عند ربك ترزق، ليس فقط بعد أن تفارق هذه الحياة، وإنما وأنت قائم في هذه الدنيا. دين الحق، يوجه الإنسان لمعنى الحياة الدائمة. فالإنسان، هو اللبنة الأساسية في المجتمع. أول توجيه للإنسان، عبر عنه الحق، يوم خاطب رسوله، فقال له: إقرأ (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم25). فهذا التوجيه الأول الذي يبدأ منه الإنسان، هو أن يقرأ. أن يقرأ رسائل الحياة، وأن يقرأ آيات الله، وأن يقرأ كل ما يحدث حوله. (٢٠١٣/٥/٣)

قد يجد الإنسان في الصلاة ما يساعده أكثر، فيكثر من الصلاة ويقوم الليل، وقد يجد إنسان آخر أنه يريد أن يقوم في صورة معتدلة، فلا يكثر في هذا المجال، وإنما يريد أن يصوم أكثر، أو أن الصوم يجعله يشعر بالقرب أكثر ويساعده على حياته أكثر، وقد يرى آخر أن يعتدل في ذلك. وحديث رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ حين جاءه بعضهم فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا ، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا؛ فماذا قال لهم رسول الله؟ (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني26)، ليعبر له عما أشرنا عليه بالمنهج، وأن الإنسان يعيش بين عالمين، وأن معيشته على هذه الأرض لها دورها في إصقال وجوده الروحي، كما أن لعباداته وتعاليه عن ذاته ما يصقل أيضا قيامه الروحي. كل هذه الأمور تخص الإنسان نفسه… (٢٠١٥/١١/١٣)

١-٢-٧-٢-التركيز في قراءة آيات الحق على ما أخبرنا به عن قديمنا وقادمنا باتجاهنا إلى قلوبنا

… انظروا وتعلموا أن تتجهوا الى قلوبكم، وأن تنظروا إلى وجودكم، وأن تتعلموا من فطرتكم، وأن تتعرضوا لنفحات الحق حولكم فتساعدكم على أنفسكم، وتعلمكم وترشدكم كيف تشهدون الحق فيكم. إن آيات الحق لنا تعلمنا الكثير في سلوكنا، في حاضرنا، وتخبرنا عن قادمنا، كما أخبرتنا عن قديمنا، ولكن أكثر الناس لا يتعلمون من آيات الحق، يرددونها ولا يقرؤونها، بآذانهم يسمعون، ولكن هم في حقيقة الأمر لا يسمعون… (١٩٨٨/١٢/٢)

١-٢-٧-٣-العلم الأعلى هو الذي ينبع من التجربة الذاتية

.. هناك علم بالأحداث، وعلم بالأقوال أما العلم الأعلى فهو الذي ينبع من تجربة ذاتية، ومن فكر وتأمل في كل هذه الأحداث، وفي كل هذه الأقوال، والربط بينها وبين حال الإنسان في قيامه وسلوكه. هناك فارق كبير بين أن تسرد ما فعله الآخرون، وبين أن تضيف أنت بأن تجرب، وتحاول، وتخرج نتائج تجربتك الذاتية. ليس في قدرة كل فرد أن يحلل، ويقوم، ويجرب، ويخرج بنتائج جديدة، ولكن في مقدرة كل منا أن يحاول. فأنت لا تستطيع أن تصلي حقا، إلا إذا حاولت وفكرت في معنى صلاتك، ولكنك إن فعلت ذلك تكون قد قمت بالصلاة حقا. وهذا ما نطلق عليه ركن النية في العبادة، لأن النية معناها الهدف الذي من أجله تقوم بهذا الفعل، فإذا لم يكن لك هدف من قيامك بالفعل فلا فعل لك.. (١٩٩٢/١١/٢٧)(٢٠٠٥/١/٢٨)

١-٢-٨-سر الجماعة

هذا المفهوم له انعكاس في الشهادة ويمكن ملاحظة آثاره في الفقرات التالية. الأثر الأول هو التغيير إلى الأفضل الذي يمكن أن يحدث للفرد أو المجتمع نتيجة القوة المعنوية المتولدة من التجمع على هدف نبيل وقلب رجل واحد. الأثر الثاني هو التعرض لنفحات الله في جمع ذاكر مما يزيد من طاقة النور التي يتلقاها الفرد في هذا الجمع. الأثر الثالث هو مساعدة الفرد في تطوره من حال إلى حال بتواجده في جماعة يكمل كل فرد فيها الآخر، ويشد أزره، ويأخذ بيده، ويذكره بما عاهد الله عليه.

١-٢-٨-١-التغيير إلى الأفضل يمكن أن يحدث للفرد أو المجتمع نتيجة التجمع على هدف نبيل

إن الجماعة إذا اجتمعت على قلب رجل واحد وأصبحت قوة في الله واحدة، لأصبحت قوة كبيرة، ولأصبحت قوة متصرفة في الوجود… (١٩٧٠/١١/١٣)

١-٢-٨-٢-التعرض لنفحات الله في جمع ذاكر يزيد طاقة النور التي يتلقاه الفرد في هذا الجمع

.. صلاة الجماعة كعبادة توضح لنا فضل الجماعة، وأن الإنسان يرقى في الجماعة، فجعل الله لنا يوما من أيامنا نجتمع فيه على صلاة، نجتمع فيه على صلة في الله، نجتمع فيه على طلب ورجاء في الله، نتعرض فيها لنفحات الله فيطهرنا، وينقينا من شوائب نفوسنا، ومن ظلام ذواتنا، ومن عثرات حياتنا، نتعلم فيها كيف يكون جمعنا في الله، وكيف يكون طريقنا في الله، وكيف تكون حياتنا لله… (١٩٨٣/٩/٢٣)

١-٢-٨-٣-تواجد الفرد في جماعة يساعد في تطوره من حال إلى حال

.. عرف سر الخلق في خلقه، وعرف سر الحق في حقه، وعرف سر العقل في عقله، وعرف سر القلب في قلبه، وعرف سر الوجود في وجوده، وعرف سر النفس في نفسه، وعرف سر الروح في روحه، وعرف أنه في دوام طلب لله، ولمقصود وجه الله. يرجو لقاء الله، ويطلب أن يكون في دوام عبدا لله، ينتقل من حال الى حال، في معراج دائم في الله، عرفها وقامها وشعر بها في وجوده وقيامه. ومن هنا كانت هناك ضرورة لأن تتواجد الجماعة في هذه المراحل المختلفة حتى يتكامل أفرادها ويصحح بعضهم بعضا، ويقوم بعضهم بعضا… (١٩٨٤/٨/٣)

…كذلك أوجد الله قوى مضادة بحكمته. وقد علمنا ذلك يوم قال لآدم وإبليس، اهبطا منها بعضكم لبعض عدو. لأن هذا هو قانون الحياة. دعاة الحق يدعون بعضهم بعضا، ودعاة الباطل يدعون بعضهم بعضا. الإنسان في حاجة الى من يشد أزره، ومن يأخذ بيده، ومن يذكره بما عاهد الله عليه. وهذا هو فضل الجماعة وفضل الاجتماع على ذكر الله. فالاجتماع على ذكر الله يساعد كل فرد في جماعة أن يكون منتسبا الى الحق والى النور. لذلك عبر الاتصال الروحي في عصرنا الحديث عن هذه الحقيقة بإخبارنا أن هناك من ينتقلون الى العالم الآخر وهم غير منتسبين إلى أسرة… (٢٠٠٢/٨/٢٣)

١-٢-٩-الكلمة السواء ألا نعبد إلا الله

مفهوم الكلمة السواء هو مفهوم رئيسي في الإيمان بقانون الفطرة في الشهادة. هذا الفقرات الثلاث تعبر عن الثلاثة محاور لهذا المفهوم. المحور الأول هو التركيز على جوهر ما جاءت به كل الأديان وعدم التمسك بالقشور. المحور الثاني هو الدعوة للتفكر للوصول لما هو أحسن مع احترام الاختلاف والتعدد. المحور الثالث هو ألا تتخذ أي جماعة من بينها أربابا من دون الله في الحاضر أو في السابق، وإنما تركز على مواصلة الحوار لما فيه خير المجتمع. المحور الرابع هو أن الكلمة السواء هي ما نتفق عليه بعقولنا وقد نختلف عليه، ولكن نستطيع أن نقيسه.

١-٢-٩-١-التركيز على جوهر ما جاءت به كل الأديان

جاء لنا ديننا وجاءت جميع الأديان بما يجب أن نركز عليه، فانشغل الناس بالقشور، وغفلوا عن جوهر الأمور، غفلوا عن المقصود والمرجو من قيامهم الى شكل وحرف، غفلوا عن أن الأشكال والحروف وراءها الكثير الذي يجب عليهم أن يدركوه، وأن يعووه، ويقوموه، فاختلف الناس على أشكال وألوان، كل يريد شكله، وكل يريد لونه، ونسوا المقصود والمطلوب، نسوا التوجيه الإلهي أن تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم والا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا27. (١٩٨٥/٢/٨)

١-٢-٩-٢-الدعوة للتفكر للوصول لما هو أحسن مع احترام الاختلاف والتعدد

التعدد هو السمة الغالبة على هذه الأرض، لأن كل إنسان له شخصيته وفرديته. والإسلام بمفهومه العام الشامل هو أنه يوضح لنا كيف نتعايش ونتحاور مع أهل الكتاب. الحوار هو دعوة لكل ما هو أحسن، للتفكر والتأمل والتدبر، للتعايش والتعامل بالحسنى، والبحث عن الحقيقة، وإقامة العدل. هذه هي الكلمة السواء، التي يدعو لها الإسلام، لا ليتغير الناس من دين إلى دين آخر، وإنما ليتأملوا ويتدبروا معا فيما هو أفضل لهم جميعا. وسيظل الناس يبحثون عن السبل لإحقاق الحق وإقامة العدل، وسوف يختلفون دائما في تنفيذ هذه الأوامر ووضعها على أرض الواقع. والإسلام يدعوهم الى ذلك من خلال أسلوب يتعاملون به. كل يقدم ما يستطيع، ويتجادل بالحسنى في تنفيذ القيم التي يراها الناس جميعا… (٢٠٠٢/١٢/١٣)

١-٢-٩-٣-لا تتخذ أي جماعة أربابا من دون الله في الحاضر أو في السابق

الآفة الكبرى التي يعاني منها الإنسان، وتعاني منها المجتمعات، هو سوء الفهم للمعتقدات، ولما جاء في الرسالات السماوية. هذه التراكمات من المفاهيم المغلوطة هي آفة كبرى تصيب البشرية. الطريق الوحيد للخلاص، أو لمحاولة الخلاص من هذه الآفة، أو تقليل أضرارها، هو الحوار المستمر. هو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. هذه الآية توضح الطريق المستقيم، توضح الكلمة السواء وهي ألا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله28. هذه الآية تحمل الكثير من المعاني لأن الهدف من التواجد على هذه الأرض هو أن نخضع لقانون الحياة وهو إدراك المعاني التي جاءت بها الأديان، والتي خاطبتنا جميعا بها في معنى الصلة بالأعلى، في معني مجاهدة النفس، في معني التراحم والتكافل، في معني الاتجاه إلي بيت لله على هذه الأرض، بإدراك أن الله موجود وأقرب إلينا من حبل الوريد، ومعنا أينما كنا… (١٩٩٣/٤/١٥)(٢٠٠٤/٩/٣)

١-٢-٩-٤-الكلمة السواء هي ما نتفق عليه بعقولنا وقد نختلف عليه، ولكن نستطيع أن نقيسه

إن حقائق الحياة التي نتعلمها، والتي هي ـ كما نقول دائما ـ حقائق نسبية، وليست حقائق مطلقة، هي ما تشهده عيوننا، وما تسمعه آذاننا، وما تعقله عقولنا، وما تستريح إليه ضمائرنا، وما تفتي به قلوبنا. حقائق الحياة، هي كل ما هو أحسن بالنسبة لنا، )ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن29 …(، فلا تقولوا لهم مثلا: إن صلاتنا خير من صلاتكم، وأن إيماننا خير من إيمانكم؛ لأنكم لا تعلمون إيمانكم ولا تعلمون إيمانهم؛ لأن الإيمان هو أمر مجرد، لا نستطيع أن نتفق عليه، أو نرسمه، أو نصوره، كما أننا لا نستطيع أن نصور الله، أو نجسده، أو نقول: أن الله هو كذا وكذا، ويقول آخر أمرا مختلفا. إذا دخلنا في هذا، فنحن ندخل في متاهات لا نهاية لها، إنما ما هو أحسن، هو الحق بالنسبة للإنسان، وما هو أحسن، هو ما نتفق عليه بعقولنا كبشر، وهو في حد ذاته، قد يكون بين التقييد وبين التجريد، فقد نختلف أيضا عليه، ولكن نستطيع أن نقيسه أو نحدده إلى حد ما، وهو أيضا متغير بالنسبة للظروف والأحوال التي يمر بها الإنسان. إنما في لحظة ما، وفي مكان ما، وبالنسبة لأمة ما، تستطيع هذه الأمة أن تعرف ما هو الحق بالنسبة لها. ولذلك، كان التوجيه الإلهي:… (٢٠١٩/٣/٨)

١-٢-١٠-دفع الناس بعضهم ببعض

هذا قانون نراه في واقعنا وأسباب دفع الناس بعضهم ببعض كثيرة منها هذه الأسباب المثارة في الفقرات التالية. السبب الأول هو أننا نعيش في حجاب من ظلمة ومن ثم فإن التباين والاختلاف أمر وارد. السبب الثاني هو تعدد المفاهيم في القضية الواحدة على مستويات مختلفة. السبب الثالث هو عدم قدرة البعض على رؤية وجهة النظر الأخرى مما يؤدي الى محاولة كل إنسان أن يدفع بما يعتقده. السبب الرابع أن التعدد مطلوب لصلاح المجتمع.

١-٢-١٠-١-التباين والاختلاف أمر وارد لأن الناس يعيشون في حجاب

إننا جميعا على هذه الأرض نعيش في حجاب من ظلمة، لنا حدود ولنا قيود نتحرك فيها، نتلمس الحق، وكل يحاول أن يجد له طريقا يسلك فيه. التباين والاختلاف أمر وارد، وكل إنسان يرى آيات الحق بما هو له أهل، فهناك من لا يرى إطلاقا، وهناك من كشف الله الغشاوة عن عينيه وكان مبصرا وبصيرا، وهناك درجات بينهما. هذا الاختلاف وارد. وسنة الحياة أن يكون هناك هذا الاختلاف. بل أن في الدين الواحد، وفي العقيدة الواحدة، وفي المجتمع الواحد، يختلف الناس كل ينظر بنظرة (٢٠٠٢/١٠/٢٥)

١-٢-١٠-٢-تعدد المفاهيم في القضية الواحدة

إن أمتنا تمر بمرحلة عصيبة، تختبر في إرادتها، وتختبر في عقيدتها، كما أنها تكشف عن الحال الذي صارت إليه، وأصبحت عليه من ضعف وهوان. لا تملك أمر نفسها، وإنما يفعل بها. وأصبح البعض يرى في ذلك صراعا جديدا بين الغرب ومعتقداته، وبين الشرق ودين الإسلام. إن ما يحدث هو رسالة لكل متأمل ومتدبر، ليرجع مرة أخرى ويتفكر في إسلامه، وفي عقيدته، وفي دينه. إنه من الخطأ بمكان أن نعمم أي فكر على أنه الإسلام، أو أن أي فكر على أنه اليهودية أو المسيحية. فهناك رؤى متعددة لجماعات كثيرة، بل أن كل إنسان قد يرى الأمور بصورة مختلفة. فالحقيقة أنه ليس هناك صورة واحدة، أو مفهوم واحد، وإنما هي مفاهيم متعددة، وهذا ما جاءت به رسالة الإسلام، لا على أنها بديل لكل المعتقدات، بل لتوضح كيف تعيش كل هذه المعتقدات جنبا الى جنب… (٢٠٠٢/١٢/١٣)

١-٢-١٠-٣-عدم قدرة البعض على رؤية وجهة النظر الأخرى

قدرة الإنسان على تقبل المفهوم الآخر، هو الذي يجعل المجتمع مجتمعا صالحا، لأن الكل فيه يتكلم بحريته، والكل يقبل الكل في بحث عن الحقيقة، نأمر بالمعروف وهو أن نتواصى بالحق والصبر بيننا، وأن نعمل ما أعطانا الله من طاقات فكرية وحركية وقلبية. وننهى عن المنكر وما المنكر إلا أن نتباعد ونتخاصم، على ظن عقيدة، ويكفر بعضنا بعضا بظن إيمان، ويرى كل منا في نفسه إلها، يريد أن يسيطر على الآخر… (٢٠٠٣/٥/٩)

١-٢-١٠-٤-التعدد مطلوب لصلاح المجتمع

إن آيات الحق، تكلمت عن الاختلاف بين الناس. وهذا الاختلاف، هو ما نراه اليوم في المجتمعات، من تعدد الآراء، ومن تعدد الاتجاهات، مما أدى إلى وجود كيانات سياسية، تعبر عن الاتجاهات المختلفة. حين نقرأ (…لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض …30) نتعلم أن التعدد مطلوب في المجتمع. فإذا كان التعدد والتنوع، قد تواجد في البشرية في ديانات مختلفة، وعقائد مختلفة، وأجناس مختلفة (…جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ..31.) فإن ذلك، ينطبق أيضا على المجتمع، الذي تتعدد فيه الآراء، التي ترى طرقا متعددة للصلاح والإصلاح. ولكن المسلمين، وقد قرءوا هذه الآيات، لم يعرفوا كيف يطبقوها. (٢٠١١/١/٢٨)

١-٢-١١-لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

الإيمان بهذا المفهوم يمكن إدراكه في الشهادة من مراقبة ما يستطيع كل إنسان أن يفعله. الفقرات التالية توضح كيف نتعرف على هذا المفهوم في واقعنا من خلال خمسة مواقف. الموقف الأول هو أن كثيرا من مما يحدث للإنسان ناتج عن تقديراته ورؤيته للأمور طبقا لقدراته واختياراته. الموقف الثاني هو أن الإنسان الذي يفعل قدراته يصل إل أفضل ما يمكن أن يصل إليه. الموقف الثالث هو لتأكيد أن كل إنسان يقرأ آيات الله بما هو له أهل. الموقف الرابع هو أن أي إنسان لايستطيع أن يلم بكل ماشاء الله من العلم. الموقف الخامس هو أن الإنسان لا يسمع ولا يرى بحواسه فقط، وإنما أيضا بقلبه، وبعقله، وبعلمه ونيته

١-٢-١١-١-ما يحدث للإنسان ناتج عن تقديراته ورؤيته للأمور طبقا لقدراته واختياراته

إذا شاء الله أمرا، أمر عقلا، وأرهف قلبا، وأوجد عزما، وأنار طريقا، وأوجد وسيلة. وإن أراد أمرا آخر ولم يشأ بهذا الإنسان أن يكون محققا لوجوده، صادقا في طريقه، أصبح عقله رافضا، وقلبه جاحدا، لا يملك عزما، ولا يرى طريقا (صم بكم عمي فهم لا يعقلون32) لهم عيون ولكن لا يبصرون بها، لهم آذان ولكن لا يسمعون بها، لهم عقول ولكن لا يفقهون ويدركون بها. إن قدرك يا إنسان بقدر ما فيك من المعاني التي يمكن أن تأمر، وبقدر ما فيك من الصفات القابلة لأن تكسب، (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت33) … (١٩٨٠/١٢/٢٦)

١-٢-١١-٢-الإنسان الذي يفعل قدراته يصل إلى أفضل ما يمكن أن يصل إليه

إن ديننا يعلمنا أن نجاهد أنفسنا، وأن نصلح وجودنا، وأن نعمل عقولنا، وأن نذكر بقلوبنا، وأن نتعبد بجوارحنا، وأن نعمل بقيامنا، وأن نجاهد بنفوسنا وبأموالنا، وبكل وجودنا متحركين في كل اتجاه كل بقدر ما يستطيع (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت34). أنظر الى نفسك، وقوم أمرك في وجودك وفي حالك، وفي إمكانات الله لك، وفي عطاء الله في وجودك وقيامك، واجتهد بقدر ما عندك، بعقلك مفكرا، وبقلبك ذاكرا، وبجوارحك عاملا كما تفهم فيما شرع الله لك. (١٩٨٨/٧/١)

١-٢-١١-٣-كل إنسان يقرأ آيات الله بما هو له أهل

هذا الدين القيم أوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى35، دين القيمة، دين العقول المنيرة، والقلوب الحية، والنفوس الزكية، والأرواح الطاهرة. دين الحرية، دين العبودية لله، دين الأفضل والأحسن والأقوم، دين الكافة (أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم36)، فأي عقول، إن الناس مستويات ومقامات، ولكل مقام مقال، ولكل مستوى حديث، وكل يأخذ بقدره. وهذه عظمة الحديث القرآني، إن كل كلمة فيه، وكل آية تخاطب جميع المستويات، وكل يأخذ بقدره. وهكذا كان حديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. فهو يخاطب الناس على قدر عقولهم، وكل عقل يفهم بما هو له أهل… (٢٠٠٣/٥/٩)

كل منكم سوف يقرأ كتابه، سوف يقرأ فطرته، سوف يقرأ سر الله فيه، فقد خلق كل إنسان خلقا متفردا، له خصوصيته، له قدراته وإمكاناته، له طبيعته (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها …37). إن من عبادي من لو أغنيته لفسد حاله، وإن من عبادي من لو أفقرته لفسد حاله38. كل يقرأ، أما البيان فيجيء من الداخل، بقدر تطهر القلوب، (لا يمسه إلا المطهرون39). والمطهرون درجات، والمعاني التي تمس القلوب، تتناسب مع طهرها، ومع نقائها، ومع صفائها… (٢٠٠٩/٧/٣)

١-٢-١١-٤-لا يستطيع إنسان أن يلم بأكثر من سعته التي خلقه الله عليها

قانون إلهي، يوضح لنا خلق الإنسان وما يملكه من طاقات وإمكانات. كل نفس لها وسعها ولها إمكاناتها، تأخذ من الحقيقة بقدر سعتها، وتبذل فيما تفعل بقدر إمكاناتها. فلا يستطيع إنسان أن يستوعب أكثر من سعته، ولا يستطيع إنسان أن يبذل أكبر من طاقته. والمصدر الذي ننهل منه جميعا، هو مصدر واحد، هو المتاح لنا من علم على هذه الأرض (… ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء …40.)، فكان الظاهر من العلم وما يمكن أن نكتشفه بحواسنا وبالأدوات التي نبدعها، هو هذا العلم الذي شاء الله لنا أن نحيط به، ومع ذلك، لا يستطيع إنسان واحد أن يلم بكل هذا العلم، وإنما يأخذ الإنسان بسعته كما أشرنا. فالعلم واحد، ولكن إدراكنا لهذا العلم متعدد. وإذا كان هذا العلم ينقسم إلى مفردات، وإلى علوم في تخصصات مختلفة وفي مجالات متعددة، فالمجال الواحد أيضا لا يستطيع إنسان أن يستوعبه كله، وإنما يستوعب جزءا منه، ويراه من زاوية معينة، وقد يراه آخر من زاوية أخرى. فالعلم في إطلاقه واحد، والعلم في تقييده متعدد. وهكذا الدين كقانون الحياة، هو قانون واحد في معناه المطلق، ولكن حين يتفهمه الناس ويقرؤونه، فإنه يتعدد في قراءاتهم وفي مفاهيمهم. فالخلط بين أن نقول علما واحدا وقانونا واحدا، وبين أن نحاول أن نجعل فهم هذا الواحد، هو واحد أيضا، هو خلط يسبب كثيرا من المشاكل. إنه كالفارق بين التوحيد للمعنى المطلق، وبين التعديد في المعنى المقيد. إنها قضية واحدة، تتكرر بصور مختلفة. فإرادة الله واحدة في إطلاقها (… ولو شاء ربك ما فعلوه ..41.)، وحين تتنزل هذه الإرادة إلى مجال التقييد، تتعدد في إرادات الأفراد الذين تتعدد رؤاهم، ويحدث بينهم اختلاف في الرؤى، وفي الفعل، وفي المقصد، وفي التفضيل والتقبيح، فيما هو أحسن وفيما هو ليس كذلك، في الصراع، في القتال، في المنافسة، في كل شيء. (٢٠١٧/١٢/١٥)

١-٢-١١-٥-الإنسان لا يسمع ولا يرى بحواسه فقط، وإنما أيضا بقلبه، وبعقله، وبعلمه ونيته

إن كل إنسان يقرأ آيات الله بما هو له أهل. لذلك، نجد أناسا يقرأون آيات الله وقلوبهم مظلمة، فلا تصل المعاني التي تحملها الآيات إليهم، وإنما يصل إليهم ظلام نفوسهم وجهلهم، فيفهمون ما تريد هذه النفوس، بما هم له أهل من ظلام وجهل. وهناك من يقرأون آيات الله، وقلوبهم طاهرة حية، فيصل إليهم مفهوم حي، مفهوم يقودهم إلى الحياة، ويقودهم إلى النجاة. وهكذا في كل أمور الحياة، فالإنسان لا يرى فقط بعينيه، ولا يسمع بأذنيه، لا يسمع ولا يرى بحواسه فقط، وإنما أيضا بقلبه، وبعقله، وبعلمه، وبنيته، وبطلبه، وبحبه. هذا قانون من قوانين الحياة، هكذا خلق الله الإنسان. الناس ليسوا سواء، إنهم صور متعددة، كل إنسان له أهليته وله قدرته. والدين يدعونا أن نوسع قدراتنا، وأن نجعلها أكثر اتساعا، وأكثر قدرة على التفهم والتعلم، وما كل العبادات والمناسك، إلا لتحقق هذا الأمر. الدين هو منهج حياة وليس مجرد أوامر صماء، إنما أوامره هي أوامر حية، تتفاعل مع الإنسان ويتفاعل الإنسان معها، ومن هذا التفاعل يتطور الإنسان من حال إلى حال، ومن قيام إلى قيام، ومن قدرة على الفهم إلى قدرة أكبر، ومن قدرة على العمل إلى قدرة أعظم. وتتفاوت قدرات الإنسان ولكن على كل إنسان أن يفعل طاقاته، ويفعل إمكاناته، ويستخدم ما أودع الله فيه من سره، وما أودع الله فيه من قدرات مختلفة، وبما أنعم الله به عليه. وهذا معنى من معاني: (وأما بنعمة ربك فحدث42). فهنا المفهوم ليس فقط أن تقول أو أن تتحدث بما أفاء الله به عليك من نعم ظاهرية، وإنما أيضا من نعم حقية، فإذا فهمت فهما، أو إذا أدركت إدراكا وجدت فيه نفعا للآخرين، فتذكر وتتحدث بهذا الذي فهمت، وبهذا الذي عرفت. وهذا معنى من معاني أيضا: (… وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر43). والحق هو حق نسبي، والحق المطلق هو الله، أما ما ترى أنه الحق فهو رؤيتك أنت، وقدرتك أنت، وعليك أن تحاول أن تتقبل من الآخر، حتى تتغير إلى الأفضل والأحسن والأقوم. (٢٠١٩/٥/١٧)

١-٢-١٢-نسبية الحق

نسبية الحق هي قانون من قوانين الحياة التي نراها في الشهادة. نحاول في هذه الفقرات تعريف ما نقصده من هذا المفهوم. التعريف الأول هو أن إيمان الإنسان بأن الحق أكبر من أن يحيط به لا يجب أن يثنيه أن يحقق ما يرى أنه الأفضل برؤيته وهذا الذي يعتقده هو معنى الحق النسبي. التعريف الثاني له علاقة بفهم النصوص المقدسة فلا يستطيع أحد أن يصف مفهومه بأنه الفهم الوحيد الصحيح وإنما هو فهم صحيح نسبي ويعبر عن زاوية من زوايا الحق. التعريف الثالث هو أن نسبية الحق لها علاقة بمعرفة الإنسان بقضية معينة وكلما ازدادت معرفته كلما اقترب من الحق أكثر، ولكنه لن يصل إلى الحق المطلق اللانهائي.

١-٢-١٢-١-إيمان الإنسان بأن الحق أكبر من أن يحيط به لا يجب أن يثنيه أن يحقق ما يرى أنه الأفضل

عدل الإنسان مع نفسه أن يقصد وجه الله، لا ينسى أن وجوده على هذه الأرض هو ليكون عبدا لله، فالدنيا في حقيقة أمرها لا تتعارض مع الآخرة. العبودية لله أن يعيش الإنسان بكله لله. إدراك الإنسان لبعده عما يعتقد أنه الحق لا يجب أن يثنيه على مواصلة الدعاء بكل الصور لتحقيق ما يرى أنه الأفضل والأحسن كما يعتقده. هذا الأفضل والأحسن الذي نعتقده نطلق عليه الحق النسبي… (١٩٩١/٣/٢٠)

… نحن نذاكر دائما بأن ما نقوله، ونتواصى به، لا يعني أبدا أنه الحق المطلق، إنما هو ما نراه وما نشهده، هو رؤية، هو زاوية من زوايا الحق. ولا يستطيع إنسان أيا كان أن ينسب إلى نفسه الحق المطلق. ومع ذلك فإن كل إنسان مطالب بأن يقدم رؤيته، وأن يقدم شهادته، وأن يدفع بما يرى أنه الخير، لأنه بذلك تكون الحياة.. (٢٠٠٢/١٠/٢٥)

.. علينا أن نتعلم كيف نقرأ، وكيف نستمع، وكيف نبحث عن الحقيقة، قد لا نكون ملمين بجميع الحقائق أو بجميع الأحداث، وإنما علينا أن نحاول وأن نبحث وأن نطبق منهج الفطرة الذي أودعه الله فينا. وهو منهج أن نحاول، وأن نبحث، وأن نتعلم، وأن نسأل، وأن نستفتي قلوبنا، وأن نعمل عقولنا، وأن نتحرك في أرضنا باحثين عن الحقيقة في كل مكان ومن أي إنسان، وما نصل إليه بعد ذلك هو الحق بالنسبة لنا، فالحق نسبي وليس مطلق. فإذا وجدنا ما هو أحق تركنا ما هو أدنى واتجهنا لما هو أعلى. إن لم تكن إنسانا تفهم وتعقل وتحس وتتذوق وتعمل وتتحرك وتتفاعل، تتحدث وتستمع تناقش وتجادل بالتي هي أحسن، فأنت تفقد إنسانيتك وتفقد أمانة الحياة التي وهبك الله إياها… (٢٠٠٦/١٢/١)

١-٢-١٢-٢-لا يستطيع أحد أن يصف مفهومه للنصوص المقدسة بأنه الفهم الوحيد الصحيح

هناك مفاهيم كثيرة للدين والمفهوم المطلق للدين لا يستطيع أحد أن ينسبه لمفهومه. ومن هنا كان على الناس جميعا ألا يتخذ أحدهم من كلمة الدين سببا لقهر الآخرين، وإنما يتجادلون بالتي هي أحسن، ويضعون مصلحة الأمة كما يشهدها العقلاء فوق كل شيء دين الفطرة يعلم الإنسان أن الناس سيظلون مختلفين… (١٩٩٢/٥/١٥)

الخطر الحقيقي الذي يهدد أي أمة، هو أن يعتقد فريق أنه يملك الحقيقة المطلقة، وأن يفرض رأيه بالقوة على الآخرين. حين يقول البعض أن الحقيقة واضحة، وأن الدين واضح، وهو كذا وكذا، هذا نوع آخر من الرأي الذي يريد أن يحصر الدين في مفهومه، وفيما هو واضح لديه. مقولات كثيرة نسمعها تخدع الإنسان في ظاهرها، ولكنها فيها شيء من المغالطة. فالوضوح الذي يتكلمون عنه في الدين، والبساطة التي يتحدثون بها عن الدين، هي في اختزاله إلى مجموعة من الكلمات والشعارات، والشعائر والمناسك، والحركات والأفعال، دون وعي، ودون فهم، لأن الإنسان إذا حاول أن يفهم ما أمر به فهو يحتاج إلى عمق في التفكير، ويحتاج إلى تعلم وإلى إرشاد، وإلى تدبر وتفكر، وإلى ذكر وإلى عمل، حتى يشعر بالمعاني الموجودة فيما أمر به، وهذا ليس ببسيط إنه يحتاج إلى جهاد وإلى اجتهاد.. (٢٠٠٦/١١/١٧)(٢٠١٥/٢/٢٠)

١-٢-١٢-٣-كلما ازدادت معرفة الإنسان بقضية معينة كلما اقترب من الحق أكثر

نسبية الحق بقدر معرفة الإنسان أن الحقيقة في جوهرها لا نهاية لها، لا شكل ولا حد لها، لا صورة ولا رسم لها. لا يستطيع أي إنسان أن يدعي أنه قد أمسك الحق بيديه، وأن الذي يقول هو الحق في لا نهائيته. إن وظيفة الإنسان أن يبحث وأن يجتهد وأن يحاول، يخطئ ويصيب، كل خطأ وكل صواب هو نسبي لما أدركه في سابق أو يدركه في لاحق. إن كل إنسان مكلف أن يعمل وأن يجتهد وأن يفكر باحثا عن الحقيقة. كل ما يدركه الإنسان على هذه الأرض قابل للتغيير لأن إمكاناته وقدراته تتغير. أما الذي يرى أنه لا داعي للتفكير والتدبير، وأنه يكفيه ما قال به السلف فقد خرج بإرادته من عبوديته لله لعبوديته للسلف… (١٩٩٣/١٠/٢٢)

الحق أمر نسبي ومتسع، يتناسب مع قدرة الإنسان على الرؤية، ومع تقديره للموقف، ومع إدراكه لما يدور حوله في هذه الحياة، ولما يستطيع أن يؤثر فيه على هذه الأرض. الحق يرجع إلى قيم الإنسان الموجودة فيه بخلقته، وإلى قيم الإنسان المعطاة له ببيئته، فعنده قيم وهبية وهبها الله له، وعنده قيم كسبية كسبها من بيئته ومن مجتمعه، وعنده قيم تاريخية كسبها من تاريخه ومن تاريخ أمته، وعنده قيم مستقبلية ترجع إلى قدرته على ما يراه هدفا يريد أن يحققه في مستقبل حياته، وهناك قيم مادية، وهناك قيم روحية، وهناك قيم أخلاقية، وهناك قيم ذاتيه. الإنسان جماع كل هذه القيم، إنه نظام معقد متشابك الأطراف، له مدخلات كثيرة تتفاعل في وجوده الإنساني، وتظهر في معاملاته وأفعاله وحركاته وسكناته… (٢٠٠٨/٨/٢٧)

١-٢-١٣-خلق الإنسان في أحسن تقويم

الإيمان بأن الله قد خلق الإنسان في أحسن تقويم يمكن أن نشاهده في واقعنا من خلال تأملنا فيما يستطيع أن يقوم به الإنسان. وقد تم تجميع أربع صفات للإنسان. الفقرات التالية توضح هذه الصفات. الصفة الأولى تؤكد على أن حرية الإنسان مع وجوده يساعده على الارتقاء الذي يمكنه من المعراج إلى أعلى. الصفة الثانية هي في قدرته أن يتفكر في حاله ويبدأ بنفسه متفكرا في معنى الحياة. الصفة الثالثة تؤكد على أن الإنسان بقبوله لفطرته يمكنه أن يحيى وهذا هو الخلق في أحسن تقويم فإذا غفل عما فيه من حقيقة فقد معنى الحياة. الصفة الرابعة تتجلى فيما أعطى الله الإنسان من إرادة وقدرة على التغيير.

١-٢-١٣-١-حرية الإنسان مع وجوده يساعده على الارتقاء

إن دين الفطرة هو حرية الإنسان مع وجوده، حرية الإنسان مع عقله، حرية الإنسان مع قلبه، حرية الإنسان مع ذاته، حرية الإنسان مع كل جارحة فيه، فقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، خلق فيه معنى الحق والحياة، خلق فيه معاني الارتقاء والصفاء.. (١٩٧٨/٣/٢٤)

١-٢-١٣-٢-قدرة الإنسان أن يتفكر في حاله ويبدأ بنفسه متفكرا في معنى الحياة

.. فليبدأ الإنسان بنفسه متفكرا متدبرا في حالها وأمرها، والنظر الى أحوالها، ابدأ بنفسك فتأملها في سلوكها، في سلامها، في رجائها، أنظر الى نفسك في افتقارها، وفي عجزها، وفي قلة حيلتها، أنظر الى نفسك داعيا الله أن تكون نظرتك نظرة معرفة، فتبدأ طريقك متسائلا داعيا طالبا متوسلا، تبدأ كما بدأ الصالحون الصديقون الأنبياء والرسل، بدأوا حيارى يطلبون الحقيقة، هائمين على وجوههم، يطلبون معنى الحياة في كل مكان، وفي كل زمان، وفي كل عمل، وفي كل فعل… (١٩٨٥/٧/١٩)

حديث الحق يعلمكم ويرشدكم، ويحفز فيكم معنى الإنسان، ويدعوكم إلى أن تذكروا الله بقلوبكم وبجوارحكم وفي كل حال من أحوالكم، وأن تتفكروا في آلاء الله في أرضكم وسمائكم، وتصلوا إلى نتيجة لتفكركم وتدبركم وذكركم، نتيجة ترضونها وتقبلونها، أن حياتكم ليست هباء، وأن خلقكم ليس باطلا. خلفكم الله على أرضكم، وجعلكم مسئولين (كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته44)، وعلمكم أن ما تجنونه وما تحصلون عليه يعتمد على نياتكم (نية المرء خير من عمله45)، وأن ما ستحصلون عليه من كسب يتناسب مع أعمالكم التي سبقتها نياتكم، (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون46)، (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره47) والذي يجعل عملكم خيرا أو شرا هي نياتكم وأنتم تقومون بهذا العمل، ومن هنا تصبح مسئولية الإنسان أمرا أساسيا في وجود الإنسان وعمله، ولا يستطيع الإنسان أن يتخلى عن هذه المسئولية، فيقول أني قيل لي ذلك… (٢٠١٧/٣/١٠)

١-٢-١٣-٣-الإنسان بقبوله لفطرته يمكنه أن يحيى

…وهنا قد يسال سائل إن كان كل اتجاه الى الله فما هو الفارق وبين محسن ومسيء؟ إنه الفارق بين الموت والحياة، إنه الفارق بين أن تكون البذرة شجرة أو أن ترجع البذرة الى مكوناتها الأساسية بتحللها، إنه الفارق بين أن تكون لك حياة ممتدة وبين أن تخرج من هذه الأرض وأنت جسد يتلاشى متحللا الى مواد الأرض، إنه الفارق بين أن تلبي نداء ربك عارجا في معراجه الى أعلى وبين أن ترجع الى أسفل سافلين (خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون48) … (١٩٨٦/١٢/٢٦)

نرى الأنبياء جميعا عليهم السلام وهم في مرحلة البحث عن الحقيقة يتأملون، يتساءلون، إلى ربهم يتجهون، يتدبرون، يتفكرون، يعقلون، لمعاني الحق فيهم يعملون، لمعاني الحق في فطرتهم يقبلون، لمعاني الباطل يميزون فلها لا يتابعون. هؤلاء هم من قالوا ربنا الله ثم استقاموا (الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون49) … (١٩٨٩/١٢/٢٩)

١-٢-١٣-٤-أعطى الله الإنسان إرادة وقدرة على التغيير

أنظر الى هذه النفس التي أنت مخلف عليها، ماذا تجد فيها؟ ماذا ترى فيها؟ أترى فيها حب الدنيا وشهواتها؟ أترى فيها ظلام الدنيا وغفلتها؟ لقد أعطيت هذه النفس لتصلحها. وبإصلاحك لها تكسب كثيرا، وتنطلق في طريق الحق والحياة. فهل أنت مغيرها؟ أم أنك ستتبعها؟ هل أنت مصلحها؟ أم أنك ستستسلم لها؟ لن يغير الله ما بك إلا إن غيرت نفسك. أعطاك الإرادة، وأعطاك القدرة، وأعطاك نعمه، فلتستخدم كل هذا ولتحاول أن تصلح بما علمك أنه الخير، وكشف لك عن الخير فيما أودع فيك من سره خلقك لنفسه ولتصنع على عينه50 … (١٩٩٤/١١/٢٥)

وتعلمنا من قانون الحياة أن البداية من الإنسان (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول51…) (من تقرب الي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب الي ذراعا تقربت إليه باعا ومن جاءني مشيا جئته هرولة ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملأه52) (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم…53). فنقطة البداية هي الإنسان (كن كيف شئت فإني كيفما تكون أكون54) (أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر55). فإذا تحدثنا عن السلوك في طريق الله فإن حديثنا يكون عن حاضرنا وواقعنا، وعن إرادتنا وعقلنا، عن ماذا نريد أن نفعل اليوم بما أعطانا الله؟ وبما وهبنا الله؟ وبما أقامنا الله فيه وفطرنا الله عليه؟ هذه نقطة البداية التي ننطلق منها فإما أن ننطلق الى معنى العبودية لله، أو الى أن نخسر أنفسنا ونخسر ارتباطنا بجذورنا، كما نخسر ارتباطنا بفروعنا. انقطعوا عن شجرة الحياة، فكانوا كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض فما لها من قرار56… (١٩٩٨/٨/٧)

إن الهداية تبدأ من الإنسان. الإنسان فيه فطرة تمكنه من إدراك أمور قد لا تكون محسوسة بجوارحه المادية، هذا الإدراك الداخلي، هذا الإحساس العميق في داخل الإنسان هو ما نقول عنه الإيمان. الإيمان لا يجيء من الخارج، وإنما ينبع من داخل الإنسان، ليس بالنسبة لأمور الدين فقط، وإنما بالنسبة لأي أمر. الإيمان بقضية معينة لإصلاح يريد أن يحققه الإنسان في مجتمعه بتطبيق نظرية اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، يدفعه إلى العمل بهذه النظرية التي آمن بها، ويجعله أهلا لأن يتلقى توجيها يساعده على تنفيذ ما آمن به. فالعون يجيء للإنسان إذا كان أهلا له. وأهلية الإنسان تكون بإرادته ورغبته، ودعائه… (٢٠٠٤/٥/٢١)

الإنسان هو الكائن العاقل الذي يستطيع أن يتعلم مما يدور حوله، وهو الكائن الذي يستطيع أن يغير ما هو حوله، فهو يزرع ويبني ويعمر ويصنع ويبحث عن معنى الحياة وعن قوانين هذه الأرض التي يعيش عليها وهو الذي يستطيع أن يختار من بين بدائل كثيرة يجدها، (فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها57) وهنا تعبير عن الاختيار وعن البدائل. وضرب المثل ببديلين لا يعني أن الأمر ينحصر في ذلك، إنما تزكية النفس لها بدائل كثيرة. ودس النفس له بدائل كثيرة أيضا، ومن ثم فإن الإنسان يستطيع أن يولد بدائل كثيرة، ويستطيع أن يختار من بين هذه البدائل أيضا. وكل بديل يختاره سوف يؤدي إلى نتيجة، والنتيجة ستؤدي إلى معاناة من نوع ما. وما نقصد بالمعاناة هنا ليس الجانب المتعب فقط، وإنما أيضا الموقع والحال الذي يرتاح فيه. والإنسان في أي من الحالين عليه أن يدرك أن علاقته يجب أن تكون وثيقة بخالقه؛ لأنه إذا ضعفت هذه الصلة فهو سوف يخلط الأمور، فإذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن58، وهذا ما نقصده، أن المعاناة أو الابتلاء ليس فقط في أن يقدر عليه رزقه، وإنما أكرمه ونعمه هو ابتلاء أيضا، بل أن ظنه أنه قد آمن هو ابتلاء أيضا؛ لأنه مختبر في هذه العقيدة التي اعتقدها (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون59). هذا الفهم يتطلب من الإنسان أن يعلم أن الهدف منه أن يكون في علاقة دائمة مع الله. فإذا تدرب على ذلك أصبحت صلته بالله فوق أن يدعوه بلسانه أو أن يذكره بقلبه أو أن يفكر فيه بعقله؛ لأن عقله دائما مشغول بالله؛ ولأن قلبه دائما مشغول بالله؛ ولأن حديثه دائما هو حديث في الله وقد يكون هذا معنى من معاني “لو غاب عني رسول الله طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين…60.” (٢٠١٧/١/٦)

١-٢-١٤-طلب العلم والتعلم

هذا المفهوم يعبر عن ضرورة طلب العلم والتعلم والفقرات الخمس التالية تعبر عن أسباب هذه الضرورة. السبب الأول هو أن العلم هو ما يفسر لك ما تراه فإن لم تتعلم فسوف تتخبط في ظلمات نفسك وظلمات الدنيا حولك. السبب الثاني هو أن تتعلم فائدة كل ما تتعرض له فإن كنت غير قادر فاطلب معلما يعلمك كيف تخرج كنوز الحياة مما تتعرض له. السبب الثالث هو أن هناك قانون يحكم كل ظاهرة في هذا الكون وعلى الإنسان أن يحاول معرفة هذا القانون. السبب الرابع هو إعمال الإنسان لما أعطاه الله من نعمة التذكر والتعلم والاستفادة من كل تجربة يمر بها. السبب الخامس هو أن الإنسان مدفوع بقانون الحياة لتغيير نفسه وتغيير ما حوله ولا يكون ذلك إلا بالعلم والتعلم.

١-٢-١٤-١-العلم يفسر للإنسان ما يراه

إذا أهملت ما ترى فلن يكون هناك غذاء لفكرك، ولا لقلبك وحسك. إن الكل يتخبط في ظلمات نفسه، وفي ظلمات دنيا يرجوها ويهواها إلا من سار على درب المعرفة ويريد أن يقرأ كتاب الحياة. قانون الحياة يعلمنا أن قراءة كتاب الحياة يكون بالاستعانة باسم الله (اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم61). هل نظرنا وتأملنا في هذه الآية وفيما سبق نزولها من موقف لرسول الله (صلعم) حين قال له الوحي “اقرأ” فأجاب ما أنا بقارئ. إننا يمكن أن نتأمل أن هذه الإجابة تشير الى أن إدراك الإنسان لافتقاره الى العلم والمعرفة يؤدي إلى أن يعلمه الله… (١٩٨٢/٢/٥)

١-٢-١٤-٢-يتعلم الإنسان كيف يخرج كنوز الحياة مما يتعرض له

.. فلا يجب أن نقف بجهلنا ونقول لا فائدة من أي أمر نتعرض له. فإن لم نعرف الفائدة، فلنطلب علما، ولنطلب معلما يعلمنا كيف نخرج كنوز الحياة مما بين أيدينا، كيف نخرج نور الحياة من هذه الظلمات التي نمر بها، كيف نحول هذه الأمور التي نعيشها ليل نهار لتكون قوة تدفعنا في طريق الحق، وفي طريق الحياة… (١٩٨٤/١/٢٧)

١-٢-١٤-٣-يحاول الإنسان معرفة قانون كل ظاهرة في الكون

العلم مطلوب في كل صورة، وطالما هناك حياة فهناك بحث عن المعرفة، وطالما هناك إشارات عن هذه المعرفة فهناك حاجة لمعرفتها، وطالما هناك قانون يحكم، فهناك حاجة لمعرفة هذا القانون. لذلك فإن ديننا يحضنا على المعرفة والعلم في كل صورة لما يخص حياتنا بظاهرها، وبمادي قيامها، وبما يخص حياتنا بباطنها، وقادم أمرها.. (١٩٩٤/١/٧)

١-٢-١٤-٤-أعطى الله الإنسان نعمة التذكر والتعلم ليستفيد من كل تجربة يمر بها

… إننا حين نتأمل في معنى القلم في الآية (… الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم62) فإنه يوحي لنا بما أنعم الله به على الإنسان من قدرة على التذكر والتعلم، والاحتفاظ بالمعارف والمعلومات. فالإنسان عنده قلمه الذي يكتب الله به عليه، فيجعله واعيا، ويجعله متعلما ويجعله متذكرا، وهذا أمر اختص به الإنسان بين الكائنات الأخرى. فالإنسان الذي لا يتعلم من تجربته فقد جزء من أمانة الحياة فيه، لذلك قال رسول الله (صلعم) (لا يلدغ المرء من جحر واحد مرتين63)، وهذا يدل على أن الذي به أمانة الحياة يتعلم ويتغير ليصبح أكثر قدرة، وأكثر علما، وأكثر معرفة، وأكثر خبرة، وأكثر تمرسا، وأكثر إدراكا … (٢٠٠٦/٩/٢٢)

١-٢-١٤-٥-الإنسان مدفوع بقانون الحياة لتغيير نفسه وتغيير ما حوله

ينفرد الإنسان عن باقي الكائنات في أنه قادر أن يتعلم مما حوله، ويستخدم ما حوله، ويغير ما حوله، وما كان الإنسان كذلك، قبل أن يحمل أمانة الحياة (.. علم آدم الأسماء كلها …64)، فكان آدم مثالا للعلم الذي يتلقاه الإنسان، وللأمانة التي حملها الإنسان ليكون قياما حيا ممتدا بعد انتقاله من هذه الأرض. ولكن صفات الظلوم الجهول أيضا موجودة فيه. فأمانة الحياة هي معنى ألهمها تقواها، وظلمانية الوجود والجهل هي معنى ألهمها فجورها، وهو عدم اهتمام الإنسان بالحياة الآخرة، وعدم إعمال ما أودع الله في الإنسان من طاقة العلم والحياة. إن آيات الحق وهي تعلمنا عن ماضينا، فهي توضح لنا حاضرنا، وما كانت عبادة الله، إلا في طلب الحياة، وطلب المعرفة… (٢٠١٠/٣/١٢)

١-٢-١٥-التمسك بدعاء الغيب والتأمل في الشهادة في العلم والسلوك للسير في طريق الحق

مفهوم الربط بين دعاء الغيب والتأمل في الشهادة هو مفهوم هام جدا للاستقامة في السلوك على هذه الأرض. وهذه الفقرات السبع تم تصنيفها لتعبر عن هذا المفهوم من زوايا مختلفة. الزاوية الأولى تعبر عن كيف يؤثر هذا المفهوم في مواقف الإنسان متخذين من مواقف الرسول مثلا لنا في تفاعل دعاء الغيب مع القيام في الشهادة. هناك مواقف فيها تجلي مباشر للغيب في الشهادة لحكمة إلهية لا نستطيع أن نحيط بها، ومواقف أخرى لم يتجل الغيب مباشرة مع قوانين الشهادة، وهذا ما نراه في أحوال حياتنا، فالله من وراء الغيب والشهادة بإحاطته. الزاوية الثانية هي في إدراك أن الإنسان مهما علم على هذه الأرض بتأمله وبحثه في الشهادة فسيظل هناك غيب لا يعلمه. الزاوية الثالثة هي أن الإيمان بالغيب والشهادة ينبع من القلب بعطاء الله للإنسان وليس له مستوى أعلى أو أدنى. الزاوية الرابعة هي أن إيمان الإنسان بقضية، وهي غيب عليه، هو ما يدفعه لتحقيق ما يؤمن به في الشهادة. الزاوية الخامسة توضح كيف أن محبة رسول أي دين وإكباره ليس مجرد كلمات تقال فهو أكبر من أي وصف يمكن أن تعبر عنه الكلمات، وما يستطيع الإنسان أن يفعله هو أن يجتهد في الشهادة ليقتدي في سلوكه بسلوك رسوله. الزاوية السادسة هي أن الصدق في كل كلمة تصدر عن الإنسان فيما يراه في الشهادة هو ما يستطيع أن يفكر فيه، أما أن يدخل في أمور هي غيب عليه وأن يجسدها بتفكيره فهذا لا يليق. الزاوية السابعة توضح أن العقل يمكنه أن يقبل أمورا غيبية، ولا يدخل في تفاصيلها لأنه يعلم أن في الحياة أمورا توقيفية لا معنى للدخول في تفاصيلها، ولكن هذا لا يعني عدم التفكير في مقاصد هذه الأمور والقيام بها في الشهادة.

١-٢-١٥-١-تفاعل دعاء الغيب مع الشهادة

… قانون دعاء الغيب، تدخل بإرسال ملائكة مسومين، ناصروا معسكر الحق. إنه قانون من قوانين الحياة، له وقته وله ميعاده، كل شيء عنده بمقدار، وكل شيء عنده بميقات. لقد دعي رسول الله (صلعم) ربه، يجأر إليه بما يرى من معنى الحق والحياة (… إن لم تنصر هذه الفئة اليوم فلن تعبد بعد ذلك على الأرض…65). إنه يدعو ربه على ما رأى أنه الخير، الذي تجلى له، وأصبح على يقين من الخير والحق فيما هو أفضل لرسالته على هذه الأرض. نرى موقفا آخر لرسول الله (صلعم) وقد آذاه قومه، فيخاطب ربه قائلا (… إن لم يكن بك غضب على فلا أبالي66 ). هذا حال وهذا حال آخر إنه يصدق مع حاله الذي يراه والإجابة تجيئ كيفما يكون السؤال (أدعوني أستجب لكم…67) … (١٩٨٥/٦/٧)

١-٢-١٥-٢-إدراك الإنسان أنه مهما علم ببحثه في الشهادة فإن دائما سيظل هناك غيب لا يعلمه

… أنت ترى أمامك اليوم قدرة الله اللانهائية التي تقف أمامها عاجزا وأنت ترى هذا الكون يتسع أمامك بصورة معجزة لا تعرف الى أين؟ وكيف يكون هذا الاتساع بهذه السرعات الهائلة؟ يريك الله آياته أمامك، لتدرك أنك أنت أيضا يمكنك أن تنطلق هذه الانطلاقة الكبرى، بصورة لا تستطيع أن تتخيلها، أو أن تتصورها. فإذا عكست البصر الى داخلك، ونظرت في خلق وجودك المادي، وفي أسراره اللانهائية، وقفت أيضا عاجزا عن فهمها. ولكن من الناس من يظن أنه أصبح قادرا عليها. ولا يتعلمون أنه كلما علموا كلما جهلوا أكثر. إن العالم حقا هو الذي يشعر بجهله دائما، ويسأل الله أن يعلمه. إن كل علم على هذه الأرض هو علم في الله، ويمكن أن يستفيد منه الإنسان في سلوكه، وفي مجاهدته، حتى يتغير ويتطور.. (٢٠٠١/٦/٢٩)

١-٢-١٥-٣-الإيمان بالغيب والشهادة ينبع من القلب بعطاء الله للإنسان وليس له مستوى أعلى أو أدنى

الإيمان هو ما ينبع من الإنسان بعطاء الله له حتى ولو كان بسيطا إنما ينبع من داخله. فالقول بأن (اللهم ارزقنا إيمان العوام)68 هو قول حكيم، لأن إيمانهم نبع من قلوبهم، ومن عقولهم البسيطة. كثير من العلماء يتحدثون، ولكن ما يتحدثون به لم ينبع من داخلهم، لم ينبع من عقولهم وقلوبهم، إنما هو ترديد لأقوال سمعوها وحفظوها وقالوا عنها علم. والذي يردد العلم ليس بعالم. إن من يردد العلم هو ناقل له، أما العالم فهو الذي يصنع العلم، والمؤمن هو الذي يصنع الإيمان. يرشدنا الله أن بالقليل الذي نملكه نستطيع أن نصل إلى الكثير، نصل أن نكون مؤمنين حقا (…لا يكلف الله نفسا إلا وسعها69..) (٢٠٠٦/١٠/١٣)

١-٢-١٥-٤-إيمان الإنسان بقضية، وهي غيب عليه، هو ما يدفعه لتحقيق ما يؤمن به في الشهادة

.. كل ما يعرفه الإنسان هو ما يستطيع أن يعقله، وأن يعتقده، وأن يؤمن به (وفي أنفسكم أفلا تبصرون70). ارجعوا البصر إلى داخلكم، وانظروا ماذا تريدون، وماذا تطلبون، وماذا تقصدون وبماذا تؤمنون؟ إيمانكم هو الذي يدفعكم إلى الطريق الذي تسلكون، وإلى الحياة التي ترغبون، وإلى الأفضل الذي ترجون، وإلى الأحسن الذي تتعلمون، الإيمان ليس كلمة نقولها بألسنتنا، الإيمان هو طاقة تحركنا إلى العمل الصالح (الذين آمنوا وعملوا الصالحات71) … (٢٠٠٦/١٢/٢٢)

١-٢-١٥-٥-يقتدي الإنسان في سلوكه بسلوك رسوله

إذا كان إنسان في دين ما، يحب رسول هذا الدين، ويرى فيه مخلصه، فكل الرسل يخلصون الناس جميعا، وتخليصهم لهم، هم بأن يروا فيهم مثلا أعلى يقتدون به، ويرغبون أن يكونوا مثله. فالذي يحب عيسى ليخلصه، هو أن يكون متخذا طريقه، لا أن يقول بلسانه أن عيسى إله أو رب. وكيف يكون الإنسان محبا لرسول الله؟ هل بمجرد ترديد أحاديث، قد لا يكون مدركا لها؟ أم أن محبة رسول الله هي أن يكون الإنسان مقتديا بسلوكه، الذي هو مبني على الأفضل والأيسر للإنسان؟ ومخاطبة الناس على قدر عقولهم، وقدر عقولهم هنا لا تعني أن يكون مستوى الحديث متواضعا، وإنما هو يتناسب مع كل عقل، فهو يخاطب العقول المجتهدة، والعقول العالية، كما يخاطب العقول المتواضعة أيضا، فحديثه يتناسب مع كل عقل، فكل عقل يأخذ من حديث رسول الله ما هو له أهل. كان الرسول في سلوكه يبحث عن الأفضل، والأكثر حكمة، والأكثر معقولية في أموره وأمور المسلمين المادية… (٢٠٠٩/٧/٣)

١-٢-١٥-٦-الصدق في كل كلمة تصدر عن الإنسان فيما يراه في الشهادة

الصدق في كل كلمة تصدر عن الإنسان فيما يراه في واقعه هو ما نستطيع أن نفكر فيه، أما أن ندخل في أمور لا قبل لنا بها، وأن نتصور أشكالا، وصورا، لإله من صنعنا ومن تفكيرنا، فهذا لا يليق. لذلك كانت دعوة دين الفطرة لكل إنسان على هذه الأرض، لا أن يتحول عما هو عليه كلية، وإنما ليصحح ما هو عليه، فإن صحح ما هو عليه، فهو في دين الإسلام. وكما نرى في آيات كتاب الله، أن كل الأنبياء والرسل قد وصفوا بالإسلام وبالمسلمين (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا، ولٰكن كان حنيفا مسلما …72). لأن معنى الإسلام موجود في أصول اليهودية والنصرانية، الإسلام بمفهومه العام الحق الذي هو أحق أن يتبع، المسلك والمنهج الذي إن سرت عليه تصبح في حال أفضل، وفي حال أقوم (.. يا أهل الكتاب تعالوا إلىٰ كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله73..). إن طبق كل فريق هذا القول لأدرك أن هناك مفاهيم ركزت على أمور لا يمكن البت فيها، واعتبرتها معان مقدسة لا يمكن المساس بها، مع أنها في واقع الأمر ليست كذلك… (٢٠٠٩/٧/٣)

١-٢-١٥-٧-العقل يمكنه أن يقبل أمورا غيبية ولا يدخل في تفاصيلها

الإسلام دين الواقع، دين الحياة، دين ما تستطيع أن تراه وتتعامل معه، هذا محل فكرك وعملك، أما علاقتك بالغيب، فهي علاقة إيمان، أما في الشهادة فإنك تقيم الصلاة وتنفق مما رزقك. إن الذين يتحدثون أن الدين لا يفهم بالعقل، إنما يتحدثون عن أمور محددة مثل عدد ركعات الصلاة وليس هناك إعمال للعقل في قبولها، نقول إن العقل كل العقل في قبول ذلك، لأننا يمكن أن نعقل هذه الأمور التوقيفية. فليس من العقل أن نناقش الشكل، إنما العقل هو أن نقبله بصورة معينة، لأنه يعطينا وسيلة تمكننا أن نمارس الصلاة. فإذا أسرفنا بشدة في مناقشة الشكل، ندخل في دائرة لا نستطيع أن نخرج منها. أما الصلاة كقضية فالعقل يستطيع أن يجد فيها وسيلة لممارسة الارتباط بالغيب. ويكون لكل إنسان مفهوم وهو يمارسها، وهذه هي النية التي هي أساس العبادة، والنية لا تكون إلا بأن يكون هناك فهم وراء ما تقوم به لتستقيم النية… (٢٠٠٩/٩/١٨)

١-٢-١٦-المبادئ الأساسية لمجتمع دين الفطرة

الإيمان بدين الفطرة يقودنا إلى التفكر في مبادئ المجتمع الذي يؤمن أفراده بهذا الدين. الفقرات الآتية تبين المبادئ التي توصلنا إليها. المبدأ الأول هو حرية الفكر وحرية العقيدة. المبدأ الثاني هو أن يأخذ أفراد المجتمع بأسباب الحياة وقوانينها ويسهموا في تغيير حياة البشر إلى الأفضل. المبدأ الثالث هو التفاعل مع رسائل الغيب سواء كانت هذه الرسائل هي ما تلقاه البشر من كتب سماوية، أو من رسائل حقية من خلال أحداث الطبيعة أو تجارب حياتية. المبدأ الرابع هو أن قانون الحياة مطبق على الجميع لا فرق بين عربي أو أعجمي، لا فرق بين مسلم، أو مسيحي، أو يهودي، أو بوذي، أو مجوسي. المبدأ الخامس هو دعوة الناس أن يكونوا أحرارا، لا أن يكونوا عبيدا لطاغية، أو عبيدا لمادة، أو عبيدا لفكرة، أو عبيدا لمعتقد لا يرون فيه صدقا ولا عقلا. المبدأ السادس هو أن يحاول كل فرد في المجتمع أن يدعو نفسه وأهله الى دين الفطرة مهما كان حال المجتمع ليكون نواة خير وصلاح وفلاح. المبدأ السابع هو أن دين الفطرة هو كل الصور، وكل الإشكال، التي تؤدي إلى ما هو أفضل. المبدأ الثامن هو مخاطبة كل إنسان في كل دين أوفي كل عقيدة، أن ينظر إلى كتابه فإذا كانت هناك أمور لا قبل له بها لأنها تخرج عن نطاق حكمه فلا يجعلها سببا لاختلافه مع إخوانه في الإنسانية. المبدأ التاسع هو استقامة وكفاءة وتعدد آراء أفراد المجتمع، المبدأ العاشر هوالاعتصام بحبل الله حتى يتفق الجميع بعد اختلاف، المبدأ الحادي عشرعلى الحاكم أن يتشاورمع أمته.

١-٢-١٦-١-حرية الفكر وحرية العقيدة

دين الفطرة وهو يعلم طبيعة الناس واختلافهم وتباينهم أمرهم أن يتأملوا فيما يؤمنون به، وما يتحدثون عنه، وما يدعون إليه. وأمرهم ألا يجبر إنسان إنسانا على أي شيء (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر74). ونظم العلاقة بين الناس جميعا فلا يحجر أحد على أحد، إنما كل يتكلم بما عنده في حوار حر ليصل الناس الى ما هو أحسن… (١٩٩٠/١٠/١٢)

لا يستطيع انسان ان يكره انسانا على أي شيء، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بما يعتقده في داخله. قد يستطيع قوي أن يجبر انسانا أن يفعل أشياء مادية، أن يسخره، أن يستعبده، أن يفعل به ما يشاء بجسده، أن يعذبه، أن ينعمه، ولكنه لا يستطيع ان يغير ما في داخله من عقيدة أيا كانت، ومن فكر أيا كان، لا يكون ذلك إلا من داخل الإنسان نفسه، مهما تكلم الحكماء، والخطباء، والأولياء، والعارفون، والواصلون، فإنهم لا يملكون أن يغيروا شيئا، لا يريد الانسان أن يغيره. إن الذي يغير هو الانسان نفسه، قد يكون كل ذلك وسيلة لمساعدته، ولكشف الطريق أمامه، ليكون أكثر قدرة على الرؤية، وعلى التقدير، وعلى الحكم. الله لا يغير ما بالإنسان إلا بأن يغير الانسان ما بنفسه75… (٢٠٠٥/٤/١)

١-٢-١٦-٢-يأخذ أفراد المجتمع بأسباب الحياة وقوانينها ويسهموا في تغيير حياة البشر إلى الأفضل

وليس من الدين أن تترك الأمم المسلمة مقدراتها فى يد الآخرين يفعلون بها ما يشاؤون، وليس من الدين ألا يجتهد الإنسان فى هذه الأرض، ويحاول أن يملك مصادر المعرفة فيها، وأن يعرف قوانينها وأسبابها بظن أنه يتعبد أو يقيم شعائر. وليس من الدين ما عليه الأمم المسلمة اليوم، وهي لها اليد الدنيا وليست لها اليد العليا، تطلب كل شيء، وتتسول من كل أمم الأرض بصورة أو أخرى، حتى وإن ملكت كنوز الأرض وما فيها، فلا قيمة لما يملكون دون عقل، ودون علم، ودون فهم، ودون صدق. فهل عرفت الأمم التي تطلق على نفسها الأمم الإسلامية، معنى الإسلام حقا؟! أم أنها لم تأخذ من الإسلام إلا اسمه، ومن الدين إلا رسمه، ومن العبادة إلا شكلها، ومن الدنيا إلا زخرفها، ومن العمل إلا الحديث به دون القيام فيه حقا، ومن الجهاد إلا الخطب الرنانة، والأقوال الجوفاء. فأين نحن اليوم من الإسلام دين الفطرة الذي يدعو كل إنسان أن يكون عاملا كل يومه، أن يكون مجاهدا فى كل لحظة من لحظات وجوده على هذه الأرض باحثا عن الأفضل والأقوم.. (١٩٩٦/٦/٧)

هذه الثورات التي لم تشهدها بعض المجتمعات من قبل، وإن كانت موجودة في تاريخ البشرية، إلا أن بعض المجتمعات لم تصادفها مثل هذه الأحداث، وإن كان لا يخلو أي وقت من صراعات بين أفراد المجتمع، إلا أنها تأخذ صور متعددة. هذه الصورة، التي رأيناها في المجتمعات التي تحيط بنا وفي مجتمعنا، تتباين في أشكالها، وفي صورها، وفي دوافعها، وفي الصورة التي ظهرت بها، وفي النتائج التي حدثت بعدها. فقد تكون دوافع البعض نبيلة، وتعطي قوة للمجموع، ولكن هناك حاجة دائمة، لأن تصاحب هذه الدوافع، قوة تمكنها وتساعدها وتجعلها تسير في الطريق التي خرجت من أجله. (٢٠١٤/٢/٢٧)

١-٢-١٦-٣-التفاعل مع كل ما تلقاه البشر من كتب سماوية، أو من تجارب حياتية

… دين الفطرة، دين الحقيقة، دين الوجود، فيه من الأسرار الكثير، يمكننا أن نعرف من هذه الأسرار وأن ننهل منها يوم نجتهد ونعبد الله حقا، ونسأل الله صدقا، ونتأمل في كل شيء حولنا، ونعرف أن القضية هي تفاعل مع الكون بكل مكوناته، وبكل رسائله التى يرسلها إلينا، سواء كانت هذه الرسائل هي ما تلقيناه من كتب سماوية، أو ما نتلقاه دائما من رسائل حقية من خلال أحداث الطبيعة، وأحداث الحياة المختلفة. إن كل إنسان بالنسبة لنفسه هو أهل للاجتهاد، وأهل للجهاد، ويجب أن يمارس هذا فى تفكره وتأمله وتدبره وليس كل إنسان أهلا للاجتهاد على مستوى مجتمعه ليقول لهم ما يجب أن يفعلوا وما لا يجب أن يفعلوه، فهذه قضية أخر… (١٩٩٧/١/٣١)

١-٢-١٦-٤-قانون الحياة مطبق على الجميع دون تفريق لأي سبب

…جاء الإسلام ليعلمنا أن قانون الحياة مطبق على الجميع لا فرق بين عربي أو أعجمي، لا فرق بين مسلم، أو مسيحي، أو يهودي، أو بوذي، أو مجوسي. إنما ينفع الإنسان هو عمله وعلمه، وتوفيق الله له. لا يمكن أن تقوم قائمة لأي أمة إلا بصلاح أفرادها، لا يمكن أن تقوم قائمة لأمة عن طريق القهر أو الجبر. إنما يكون ذلك بالدعوة الصالحة، وبالتعليم الجاد، حتى ينشأ النشء على قيم روحية ومعنوية خالصة لله. لا يمكن لقلة مهما كانت أن تفرض بالقوة قيما على الآخرين، وإنما يكون ذلك بالدعوة والموعظة الحسنة، والتيسير، لأن دين الحق هو دين الخير، ودين الأفضل والأحسن والأقوم… (٢٠٠١/١٢/٧)

١-٢-١٦-٥-دعوة الناس أن يكونوا أحرارا، لا أن يكونوا عبيدا لطاغية أو عبيدا لمادة أو عبيدا لمعتقد

دعوة الإسلام تدعو الناس في كل دين، أن يشهدوا أن لا إله إلا الله مهما كان حالهم، ومهما كان قيامهم، ومهما كانت عقيدتهم، ليفكروا في دلالة هذه الشهادة، وليتأملوا فيها. تدعوهم أن يكونوا أحرارا، لا أن يكونوا عبيدا لطاغية، أو عبيدا لمادة، أو عبيدا لفكرة، أو عبيدا لمعتقد لا يرون فيه صدقا ولا عقلا. ما هو الأفضل الذي يحبون أن يكونوا عليه؟ أيحبون أن يكونوا مفكرين أم أن يكونوا مقلدين؟ أيحبون أن يكونوا منطلقين أم أن يكونوا مقيدين؟ أيحبون أن يكونوا مقدرين لعقولهم أم أن يكونوا مستهينين بها؟ “شهادة لا إله إلا الله” تخرجهم من الظلام إلى النور، ومن الجهل إلى المعرفة، ومن العبودية إلى الحرية. (٢٠٠٢/٤/٢٦)

يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله وعلى كل إنسان أن يتدبر في سنة رسول الله التي نقلت بفعله، لما فيها من أهمية لكل إنسان، نقلت إليه الشهادة، شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله. لقد تحدثنا كثيرا عن معنى الشهادة، شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله، هي شهادة قلب، وشهادة قيام، وشهادة عبودية لله، وشهادة حرية من أن يتسلط إنسان على إنسان، (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها…76). الطاغوت بالنسبة للإنسان، هو أي إنسان يرى هو فيه أن عليه أن يتبعه دون وعي ودون فهم، وهذا الإنسان يقول أيضا كذلك. فالطاغوت ليس مجرد إنسان واحد، إنما قد تكون مجموعة أو جماعة أو فكر يريد أن يسيطر على الناس جميعا، وأن يفرض عليهم شكلا أو صورة. استسلام الإنسان لذلك، هو إيمان بهذا الطاغوت، والله يعلم الإنسان أن يكون حرا، بأن يجعل عبوديته لله فقط… (٢٠١٥/٤/٢٤)

١-٢-١٦-٦-يحاول كل فرد في المجتمع أن يدعو نفسه وأهله الى دين الفطرة مهما كان حال المجتمع

… في كل زمان، وفي كل مكان، هناك دائما بذرة الحق، وبذرة الخير، تدعو الى الحق، وتدعو الى الخير، وتدعو الى الإسلام، ولكن في محيط محدود، ويجيء يوم يتغير هذا الحال. فليحاول كل منا أن يدعو نفسه الى الإسلام، وأن يدعو أهله الى الإسلام، وأن يكون نواة خير وصلاح وفلاح. فالقضية في النهاية هي قضية الإنسان، وكل إنسان مكلف أن يبحث عن الحقيقة (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه77) (وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته78) … (٢٠٠٤/١٠/٢٩)

١-٢-١٦-٧-دين الفطرة هو كل الصور، وكل الإشكال، التي تؤدي إلى ما هو أفضل

… الدين ليس كلمات جوفاء وليس أشكالا صماء، الدين ممارسة، الدين حياة، الدين معاملة، الدين علم ومعرفة، الدين عمل، الدين فكر، الدين ذكر. الدين هو كل الحياة، وكل لحظة نعيشها، وكل نفس نتنفسه، وكل نبضة قلب تنبض بها قلوبنا، وكل لمحة فكر تستطع بها عقولنا. الدين ليس صورة لمجتمع في قالب معين، وإنما الدين هو كل الصور، وكل الإشكال، التي تؤدي إلى ما هو أفضل. إذا كنا نتكلم عن أن الدين هو الحياة، فإن حديثنا لا يعني أن هناك صورة معينة لإقامة هذا الدين (إن الدين لواقع79). الذين لا يرون ذلك يتوقعون أو يتصورون أنهم يريدون أن يقيموا الدين، ولكن الدين قائم فيما هو واقع. ما ينبغي على الإنسان أن يفكر فيه كيف يكون من أهل النور، من أهل العلم، من أهل الصلاح والفلاح. فالحياة فيها الصالح والطالح، والدين كقانون للحياة يتعامل مع الصالح والطالح، يتعامل مع الخير والشر… (٢٠٠٨/١٠/١٠)

١-٢-١٦-٨-كل إنسان في أي عقيدة عليه أن ينظر إلى معتقداته فإذا كانت تخرج عن نطاق حكمه فلا يجعلها سببا لاختلافه مع إخوانه في الإنسانية

إن الإسلام هو دين الحرية، دين الإنسان، دين الفكر، دين الذكر، دين العمل، دين الجهاد والاجتهاد، دين الصدق، دين الرحمة، دين احترام الإنسان لأخيه الإنسان، دين احترام الإنسان لكل كائنات الله التي خلق. الإسلام دين يقبل الجميع، يقبل كل سالك يريد الأحسن، يقصد وجه الله، ينزه الله عن الشكل والصورة، ينزه معنى الربوبية عليه عن أي قيام مادي. أين ديننا؟ أين الإسلام بيننا؟ أين هذه المعاني السامية؟ لقد حولنا الإسلام من صورة عالية تقبل الجميع، إلى صورة محدودة تقبل جزءا وترفض الآخر. ما جاءت رسالة الإسلام لتضع أصناما جديدة في الفهم، وإنما جاءت لتقول لكل إنسان في كل دين أوفي كل عقيدة، أنظر إلى ما أنت عليه، أنظر إلى كتابك الذي أنت عليه، وكن صادقا فيما تقبله منه، فإذا كانت هناك أمور لا قبل لك بها لأنها تخرج عن نطاق حكمك وتقديرك فلا تجعلها سببا لاختلافك مع إخوانك في الإنسانية، لا تجعل منها صنما جديدا تعبده، وإنما قم في معني أن الله أكبر، وأن الله أعلم، وأن الله أعظم …(٢٠٠٩/٧/٣)

١-٢-١٦-٩-استقامة وكفاءة وتعدد آراء أفراد المجتمع الذي يقوم على دين الفطرة

إن الدين فيما هو أحسن، إن الدين هو فيما يصلح المجتمع، إن الدين في كفاءة من يعمل وفي قدرته على التغيير إلى الأفضل، الدين له علاقة بالحياة في كل مناحيها بالعمل الصالح، وبإتقان العمل، وباتخاذ الأسباب، وبالعلم والمعرفة، وبالتكافل والتعاون، لا بالتعنت والعناد وأحادية النظرة. أما آن الوقت، لنرجع إلى الدين حقا؟ بأنه أكبر من أي مفهوم نفهمه، وأن الدين هو في استقامة الإنسان في نيته، وفي هدفه، ومقصده، وفي حسن معاملته. الدين، هو الإنسان في خلقه الجميل، في تخلقه بأخلاق رسول الله. كان خلقه القرآن بطبيعته وفطرته، بنظرته للواقع، بتيسيره للأمور، بتفريقه بين ما هو دنيوي يخضع للتجريب، وبين ما هو أخروي يخضع لإيمان الإنسان بوجوده الممتد وبعلاقته بربه، لا يخلط هذا بذاك. لا يفرض أمرا يمكن قياسه في الأرض وفي الدنيا، بأنه أخروي، ولا يجعل من أمر أخروي لا يقاس في الدنيا، بأن يقيسه بمعايير الدنيا. فكانت الأمور الأخروية لها علاقة بإيمان الإنسان وبنيته، وليس لأحد أن يتدخل في هذه العلاقة بين الإنسان وربه، في إيمانه، أو عدم إيمانه، أو طبيعة إيمانه، أو نوع إيمانه، أو ما يفعله نتيجة هذا الإيمان. لا سلطان لإنسان على إنسان فيما يعتقده، وفيما يقوم به لممارسة هذا الاعتقاد. أما فيما يخص الدنيا، وما يفعله الإنسان وله أثر على إنسان آخر، فهناك سلطان لإنسان على إنسان بالقانون الذي يرتضيه الجميع… (٢٠١٣/٧/١٢)

١-٢-١٦-١٠-الاعتصام بحبل الله هو في اعتبار الاختلاف، حتى يتفق الجميع بعد اختلاف

فإذا جئنا إلى المجتمع، وفي تعامل الناس بعضهم لبعض، نجد أن هناك آراء مختلفة، والمجتمع عليه أن يتآلف، وأن يوضح كل فريق ما لا يستطيع أن يفهمه الآخر، أو ما غاب عن الآخر. فأي قضية لها وجوه مختلفة وزوايا مختلفة، ولا تستقيم أمة إذا كان الذين يتواصون بالحق والصبر لهم رؤية واحدة (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات80…). والاعتصام بحبل الله هو في اعتبار الاختلاف، حتى يتفق الجميع بعد اختلاف، ولا يجيئ الاتفاق الحق إلا بعد اختلاف (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.81..). لذلك، نجد في حياة رسول الله كثيرا من الأمثلة، أولها في موقعة بدر، يوم طلب الرسول مشورة أصحابه في أين يعسكرون، هل يعسكرون وأمامهم الماء، أم يعسكرون ووراءهم الماء؟ تناقشوا في هذا الأمر، واختلفوا ثم اتفقوا. حين أراد الرسول أن يعلمنا ذلك أيضا، فأمر بعدم تأبير النخل في أحد السنين، فلم يجيئ محصول نتيجة لهذا الأمر، فهناك من أراد أن يؤبر، وهناك من امتثل لهذا الأمر، نتيجة لقول رسول الله، فهناك اختلاف فيما يفعلون، فجاءت النتيجة بعد ذلك لتوضح أن عليهم أن يرجعوا إلى ما كانوا عليه من تأبير النخل، إنها أمور بسيطة، ولكن لها دلالات كبيرة. إذا، ففي الأمور الدنيوية المشهودة لنا، علينا أن نتبع ما يجعلنا نصل إلى نتائج نرى فيها خيرا لنا، بمعاييرنا وبمقاييسنا، وأن نختلف في مفهومنا للنص، فكل نص قد يحتمل تفسيرات مختلفة، والفكر السائد بأن للنص تفسير واحد، هو تفسير قاصر. وقد ظهر لنا في الآونة الأخير من يبين ذلك، بل أن ما مررنا به في السنوات الماضية قد أوجد جوا فيه اختلاف وتعدد للآراء، وربما تكون هذه أحد الظواهر الإيجابية، حتى نتعلم أن القضية في النهاية هي قضية المجتمع، وأن آيات الحق توضح المقاصد الكلية للإنسان في حياته، (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي82…)، هذه مقاصد كلية، ما يحقق هذه المقاصد أيا كان فهو يتبع الحق… (٢٠١٥/١١/١٣)

١-٢-١٦-١١-ليس من الفطرة لحاكم أن يقول أنا آمر فأطاع وإنما عليه أن يتشاورمع أمته

ولنتأمل في آيتين؛ كل آية تعبر عن حال يمكن أن تقوم فيه الأمة. الآية الأولى: (… أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم …83)، والآية الثانية: (… ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر 84). هنا، قد نجد معنيين مختلفين، أو متضادين. فالذين يحاولون أن يتكلموا باسم الله، ويحكموا باسم الله، يستخدمون الآية: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، ويعرفون أولي الأمر بالحكام، أو العلماء الذين يعرفون الدين، والذين يتكلمون باسم الله وباسم الرسول، الذين عرفوا ما يريد الله وما يريد الرسول. وهذا تعريف فيه قصور شديد؛ لأنه لا يستطيع إنسان أن ينسب لنفسه ذلك. فإذا كان، وقد قيل في حق الرسول: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول)، وهو أمر، لو أخذناه في الزمان الذي عاش فيه رسول الله بذاته المحمدية، لكان واضحا جليا وله تفسير مباشر، ولو أخذنا الآية الأخرى: (وشاورهم في الأمر)، نرى أن الخطاب موجه للرسول أن يشاورهم في الأمر، ليكون ذلك تعليما لنا مستمرا، أنه لا يستطيع أي إنسان ، أن يجيء على هذه الأرض ويقول: أنا ربكم الأعلى، أنا آمر فأطاع، ولا آخذ رأي أحد آخر. والسنة الفعلية، التي قام بها رسول الله أنه كان يشاور أصحابه في الرأي، والقصص كثيرة في ذلك. وحين خاطب أصحابه بما ينفعهم في علاقتهم معه، لم يقل لهم: أطيعوني، وإنما قال لعمر: (لن تؤمن يا عمر حتى أكون أحب إليك من مالك وولدك ونفسك التي بين جنبيك85). فالقضية هنا، محبة، هي قضية حب الحياة، حب النور، حب الحق، حب أن تكون في مقام أفضل. فحب الإنسان لرسول الله ليس حبا لذات، وليس حبا لأي صورة أو شكل، وإنما هو حب لما هو أفضل، وأحسن، وأقوم، وأعلى، وأرقى، هو حب للخلق العظيم، هوحب للخلق الكريم، هوحب للصراط المستقيم، هو حب للعلم والمعرفة، هو حب للذكر والتأمل والتدبر، هوحب للتواضع والافتقار، هو حب للدعاء والخشية ـ حب لكل هذه الصفات… (٢٠١٩/٣/٨)

Footnotes

  1. البلد: ٨، ٩، ١٠

  2. الشمس: ٨

  3. الفجر: ١٥، ١٦

  4. المعارج: ١-٤

  5. الرحمن: ١-٤

  6. البقرة:٣١

  7. العنكبوت: ٢٠

  8. هذا الحديث متداول بين الصوفية، ولكنه غير موثق في الصحاح المتعارف عليها

  9. الشورى ١١

  10. الإسراء: ١١١

  11. غافر: ٦٠

  12. حديث: البخاري وآخرون

  13. الإسراء: ٩٧

  14. الإسراء: ٩٧

  15. العنكبوت: ٢٠

  16. التوبة: ١٠٥

  17. الذاريات:٢١

  18. آل عمران: ٩٣

  19. الإسراء: ١٥

  20. حديث: احمد وآخرون

  21. العلق: ١-٥

  22. البقرة: ٢

  23. الطلاق: ٢، ٣

  24. الذاريات ٦

  25. العلق: ١-٥

  26. حديث: البخاري ومسلم

  27. آل عمران: ٦٤

  28. آل عمران: ٦٤

  29. العنكبوت: ٤٦

  30. البقرة: ٢٥١

  31. الحجرات: ١٣

  32. البقرة: ١٧١

  33. البقرة: ٢٨٦

  34. البقرة: ٢٨٦

  35. حديث غير موثق، ولكن مضمونه يتوافق مع حديث بالبخاري: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه

  36. حديث غير موثق وإن كان هنا اتفاق على صحة معناه

  37. البقرة: ٢٨٦

  38. حديث لا يوجد في الصحاح، ولكن هناك اتفاق على صحة معناه

  39. الواقعة: ٧٩

  40. البقرة: ٢٥٥

  41. الأنعام: ١١٢

  42. الضحى: ١١

  43. العصر: ٣

  44. حديث: الستة الصحاح

  45. حديث: لم أجده في الصحاح، ولكنه يربط العمل بالنية وهو أمر أساسي في العبادة والعمل عبادة فهو قول حسن

  46. التوبة: ١٠٥

  47. الزلزلة: ٧، ٨

  48. التين: ٤-٦

  49. فصلت: ٣٠

  50. طه: ٣٩ - …يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع علىٰ عيني-

  51. حديث: مركب من أكثر من حديث وهو غير موجود بهذا النص في الصحاح. لكنها مقولة منطقية ومقبولة

  52. حديث قدسي: البخاري

  53. غافر: ٦٠

  54. لم أجد له تصنيفا قد تكون مقولة صوفية

  55. حديث: الطبراني

  56. إبراهيم: ٢٦

  57. الشمس: ٧-١٠

  58. الفجر:١٥

  59. العنكبوت: ٢

  60. مقولة صوفية- أبو الحسن الشاذلي

  61. العلق: ١-٥

  62. العلق: ٣- ٥

  63. حديث: البخاري

  64. البقرة:٣١

  65. حديث: مسلم وأحمد – ” اللهم أين ما وعدتني؟ اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام، فلا تعبد في الأرض أبدا…”

  66. حديث: الطبراني وسيرة ابن هشام

  67. غافر: ٦٠

  68. مقولة شائعة رددها ويرددها كثير من العلماء

  69. البقرة: ٢٨٦

  70. الذاريات:٢١

  71. البقرة: ٨٢

  72. آل عمران: ٦٧

  73. آل عمران: ٦٤

  74. الكهف: ٢٩

  75. الرعد: ١١

  76. البقرة:٢٥٦

  77. الإسراء: ١٣

  78. حديث: كل الصحاح

  79. الذاريات: ٦

  80. آل عمران: ١٠٤، ١٠٥

  81. آل عمران: ١٠٣

  82. النحل: ٩٠

  83. النساء: ٥٩

  84. آل عمران: ١٥٩

  85. حديث: البخاري