تخطَّ إلى المحتوى

١-١-الإيمان بالغيب

الإيمان بالغيب هو ما يصل إليه الإنسان بعقله المجرد وبرضاء قلبه وينعكس ذلك في تعبده ومراقبته لنفسه في أمور وقضايا كثيرة. الفقرات التالية تعبر عن مفهوم الإيمان بالغيب بصورة عامة:

لا يستقيم حال إنسان إلا إذا شهد أن لا إله إلا الله، شهادة حق وصدق. ولا تكون هذه الشهادة صادقة إلا يوم يقوم فيها الإنسان، ويصل إليها بنفسه، بتجربته، بفكره، لا بلسانه، ولا بترديده لها. فإذا نظر في الكون، في السماء أو في الأرض، وشعر بافتقاره وبحاجته وبقلة حيلته، وبقصور معرفته، وبمحدود إدراكه، شعر وأدرك أن هناك ما لا يمكنه أن يدركه. وهذا هو معنى الإيمان بالغيب. هذه هي العقيدة التي يجب أن ترسخ في أعماقه. فهو لا يستطيع أن يرى بعينيه وبجوارحه وبمحدود عقله، ما وراء هذا الكون… (٢٠٠٣/٦/٢٧)

الإيمان بالغيب هو تجريد، هو عدم تحديد لما يتجلى به الغيب في الشهادة. إيماننا بمحدودية قدرتنا يستلزم أن نؤمن بأن هناك ما لا نستطيع أن نحيط به، وهذا الذي لا نستطيع أن نحيط به هو الغيب. فما يعلمه الإنسان من علم هو محدود جدا بالنسبة لما هو متاح من معارف. حين ينظر الإنسان الى الزمان والمكان يشعر بمحدوديته. فهو لا يعرف من زمانه إلا حقبة صغيرة يستدل عليها مما يجد على هذه الأرض من آثار لكائنات قديمة عاشت عليها. كما يشعر الإنسان بحدوده في المكان. فإذا نظر الى الكون حوله وجد كواكب ونجوم ومجرات، واتساع لا يستطيع أن يحيط به. لذلك لا يجب أن نحول تفسيراتنا وقراءاتنا لآيات جاءت في أي كتاب سماوي الى صورة جامدة، فنعتقد أنها هي الصورة المثلى التي لا بد أن تحدث بما نعتقده في الزمان الذي نعتقده، وفي المكان الذي نقدره، وبالشكل الذي نتصوره. … (٢٠٠٤/٤/٢٣)

الإيمان بالغيب يجيئ نتيجة طبيعية لإحساس الإنسان بعجزه وافتقاره إلى خالقه، وأنه غير قادر أن يرى هذا الغيب، بل أنه كلما ازداد علمه عن نفسه وعن عالمه المادي، كلما شعر بافتقاره أكثر، حتى فيما هو ظاهر له من معرفة على أرضه. فالإيمان بالله هو هذا الإيمان بأن هناك ما لا أستطيع أن أحيط به. وكان الغيب هو تعبير عن هذا المعنى أيضا، وكان الإيمان بالغيب هو الإيمان بالله، وكانت شهادة أن لا إله إلا الله هي تعبير عن هذا الحال. فالله هنا هو الذي ليس كمثله شيء، والذي هو وراء كل شيء، لا يحيط به شيء، ولا يصل إليه شيء.. (٢٠١٥/١١/١٣)

حاول الناس قديما أن يفسروا “وسع كرسيه1” في آية الكرسي، حاولوا أن يجسدوا هذا المعنى، وحاول آخرون أن يطلقوا هذا المعنى، ونحن نقول دائما، وكما قلنا اليوم، إن كل هذه المعاني التي تتصل بالخالق، تتصل بالغيب، لا نستطيع أن نضع لها صورة أو شكلا. إنها معان مجردة تحمل طاقة، وعلم، ومعرفة، كلها مجرد. والألفاظ المستخدمة هي وسيلة اتصال بيننا وبين هذا المصدر الحقي. لذلك، فإن القرآن ليس نثرا، ولا شعرا، ولا نصا، بقدر ما هو طاقة روحية تحملها الكلمات وتصل إلى الأفئدة الطاهرة، القابلة، المستقبلة، وهذا ما نحاول أن نفهمه أكثر، وأن نتدبر فيه أكثر. هذا هو طريق فهمنا وإدراكنا، قد نخطئ في ذلك، وقد نصيب، ولكن هذا ما نراه اليوم، وما نعتقد أنه الحال الوحيد الذي يمكن أن نكون فيه صادقين اليوم، وقد يكون هناك حال آخر لا نعرفه، ولا نعلمه… (٢٠١٩/١٢/٢٧)

جمعت ست عشرة قضية أو مفهوما تتناول ممارسة الإيمان بالغيب في إدراكنا لما نقوم به في حياتنا. المعيار الذي سأحاول أن أختبره لتحديد انتماء المفهوم لهذا الجزء هو “هل يمكن لأي من أبعاد المفهوم إثباتها في الواقع المشهود؟” إذا كانت الإجابة بلا فإنها تنتمي لهذا الجزء وإلا فيتم نقلها إلى جزء “الإيمان بالشهادة”.

١-١-١-الإيمان بالملائكة

إيماننا بملائكة الله يعلمنا أن الله قد جعل أسبابا للوصلة بالغيب، وعلمنا ذلك من خلال ما أخبرنا عن ملائكته وعن علاقتهم بنا (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون2). نتعلم أن لنا علاقة بالغيب، وأن هناك أسبابا لهذه العلاقة وقوانين تحكمها، هذه الأسباب تتفعل من خلال آليات أوجدها الله، ورمز لها بالملائكة في كتابه. والآية التي أشرنا إليها توضح هذه الآليات من الاتجاه إلى الغيب بالدعاء، والاستقامة في الشهادة لنكون أهلا لتواصل الغيب مع الشهادة بما رمزت إليه الآية من تنزل الملائكة.. .(٢٠٠٦/١٢/٢٢)

ما هي نتيجة الإستقامة في الآية : “الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا..” ، هل يكون نتيجة هذا القول وهذه الاستقامة، هو كبر وتكبر؟ أو خوف وخشوع وافتقار إلى الله؟ إن الحال الذي يخشى منه الذي يسير في طريق الله هو أن يكون متكبرا، أن يكون مغترا، أن يعتقد أنه وصل إلى الكمال. لذلك، فإن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا بحق، سوف يكونون في معنى الذين يخشون الله، سوف يكونون في خوف وفي حزن : فتتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا ، فلا يزيدهم ذلك إلا أن يكونوا أكثر خشية، وأكثر دعاء، وأكثر طلبا، فبشروا بالجنة التي وعدوا بها وأن الملآئكة سوف ترعاهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، طالما ظلوا متمسكين بقول ربنا الله وبالاستقامة، مفتقرين غير مستغنين، متواضعين غير متكبرين، وهذا من فضل الله، ومن مغفرة الله، ومن رحمة الله. والآية (نزلا من غفور رحيم) لها دلالة قوية وهي استمرار قبول الاستغفار وإستمرار تلقي الرحمة …(٢٠١٨/٤/١٣)

١-١-٢-مكر الله

إن إطمئنان النفس حقا هو حال في الله، وقيام في طريق الله، إن الإطمئنان حقا ليس في عدم الخشية، فمثالية الحق لنا تقول (أنا أقربكم من الله وأخوفكم منه)3 (لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون4). هل النفس المطمئنة هي التي ضمنت كل شيء، هل النفس المطمئنة هي التي أدركت كل شيء ؟ إن النفس المطمئنة في واقع الأمر هي النفس التي عرفت الله ربا، عرفت معنى العبودية لله، عرفت كيف يكون الإنسان عبدا خالصا لله، فأصبح كل رجائها، وكل طلبها، وكل عملها، ذكرا لله، فلم ترى لها وجودا مع وجود الله، وكما قال القوم (وجودك ذنب لا يقاس به ذنب)… (١٩٨٣/٧/١٥)

تعليق : هذا المفهوم هو بعد من أبعاد مفهوم خشية الله. فمكر الله هو تدبيره، والذي لا يتفكر في تدبير الله، وفي قانون الحياة ويتصور أنه ملك كل شيء، وقدر لكل شيء، ونسى أن يعد نفسه لما لم يقدره، فإذا حدث الذي لم يقدره خسر كل شئ. أما إذا لم ينس ربه فقد يخسر ماديا، ولكنه سيستفيد معنويا باحتسابه عند الله.

١-١-٣-الحق قريب يجيب دعوة من دعاه

إيمان الإنسان بقرب الحق ودعائه، له بعدان أساسيان. البعد الأول هو أن يبدأ الإنسان بدعاء الله (…إني قريب أجيب دعوة الداعي..5). البعد الثاني هو أن يبذل كل طاقاته وإمكاناته ويطلب عونا ليكون أهلا لتوفيق الله.

١-١-٣-١-يبدأ الإنسان بدعاء الله

إن قانون الحياة يعلمنا أن الحق قريب يجيب دعوة من دعاه، وأن نسير في الأرض لننظر كيف خلق الخلق، وأن الله بالغ أمره في وجودنا، وقيامنا، وفي كل فعل يقع لنا. إنك يا إنسان لن تستطيع أن تدرك إلا بقدرما تملك من معرفة، وكلما إتسعت مداركك، وكلما صفت نفسك، وحيى قلبك، وتحرر عقلك، ونضج فكرك ،ونمى حسك، تغيرت نظرتك للأمور، وتغيرت مقاييسك. السر فيك فأنت القاريء لكتاب الوجود. (١٩٨٢/٢/٥)

١-١-٣-٢-يبذل كل طاقاته وإمكاناته ويطلب عونا ليكون أهلا لتوفيق الله

.. وتدرك أن هناك يوم فصل في قضيتك، فتعلم أن كل لحظة تقضيها تضاف الى عملك والى محصلتك. فإذا أدركت ذلك اتجهت بكلك الى طلب العون، وقد أدركت أنك في معنى العبودية لهذا القانون، في معنى العبودية لله في تجليه بقانونه عليك (إياك نعبد وإياك نستعين6). تطلب عونا وقد أدركت معنى العبودية لله، تطلب عونا حتى تكون أهلا لرحمته، وتكون في الصراط المستقيم (اهدنا الصراط المستقيم)، وقد أدركت معنى الصراط المستقيم. أدركت أن الصراط المستقيم هو القانون الذي يجعلك إنسانا حيا. وأنت تريد أن تكون في طريق الصالحين الفالحين الذين أنعم الله عليهم برحمته، وبنعمته وبفضله وكرمه، ولا تكون فيمن تجلى عليهم بغضبه فكانوا من الضالين… (٢٠٠١/٢/١٦)

١-١-٤-لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

هذا المفهوم يبين أن التغيير يبدأ من الإنسان وهو غيبي لأننا لا نستطيع تعليله، ولكن كمثال نراه ساريا في الوجود في العلاقة بين طالب العلم ومعلمه. فإذا لم يكن طالب العلم راغبا في التعلم باذلا جهدا في التحصيل فلن يستفيد من معلمه. وهذا هو البعد الأول. البعد الثاني هو في الربط بين قدرة الناس في تغييرهم لأنفسهم وتغيير الله ما بهم. الذين يستطيعون أن يغيروا ما بأنفسهم غير الله ما بهم، وإذا تواجد الذين لا يستطيعون أن يغيروا ما بأنفسهم أبقاهم الله كما هم.

١-١-٤-١-يجب أن يكون الإنسان راغبا في بذل الجهد للتغيير فيساعده الله

…لن يغير الله ما بهم إلا إذا غيروا ما بأنفسهم، غيروا ما في قلوبهم، غيروا ما في عقولهم، بدلوا ما في أنفسهم من ظلام بنور من عند الله، بدلوا ما في قلوبهم من ضلالة بهدي من رسول الله، بدلوا ما في عقولهم من كفر بإيمان وحب وعمل في الله. إننا إذا غيرنا ما بأنفسنا لتغيرت أحوالنا. إن الأحداث التي حولنا والأحداث التي تحيط بنا وأعمالنا التي نصادفها كل يوم إنما هي مرتبطة بداخلنا مرتبطة بما في أنفسنا مرتبطة بما في عقولنا وقلوبنا… (١٩٧٠/١٠/١٦)

١-١-٤-٢-الربط بين قدرة الناس في تغييرهم لأنفسهم وتغيير الله ما بهم

إن إكبار قدرة الله وتقديرها هو في إكبارنا وتقديرنا لقانون الحياة (لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم7). فإذا تواجد الناس الذين يستطيعون أن يغيروا ما بأنفسهم غير الله ما بهم، وإذا تواجد الذين لا يستطيعون أن يغيروا ما بأنفسهم أبقاهم الله كما هم، والله من وراء الكل بإحاطته، ومن وراء الناس في تغييرهم وفي عدم تغييرهم، وهو أقرب الى الإنسان من حبل الوريد في خلقه، في صفاته، في قدرته وفعله، في فكره وحسه، في كل ما يقوم به… (١٩٨٢/٥/٧)

١-١-٥-المغفرة

لا يستطيع الإنسان أن يحدد إن كان قد غفر له ومن هنا يجئ البعد الغيبي لهذا المفهوم. أشارت هاتان الفقرتان إلى بعدين أساسيين. البعد الأول أن المغفرة هي أن يعطى الإنسان الفرصة لتصويب ما أخطأ فيه. البعد الثاني هو أن يتعلم الإنسان من خطأه ويكون ما اكتسبه من خلال تجربته هو إشارة إلى معنى المغفرة.

١-١-٥-١-يعطى الإنسان الفرصة لتصويب ما أخطأ فيه

المغفرة على ما نتعلمها هي مقام كبير، اختص الله نفسه بها. فالمغفرة ليست كما نفهم بين إنسان وإنسان يوم يتغاضى عن فعل لمن أساء إليه. فنحن لا نسئ إلى الله، فالله أكبر، والله غنى عن العالمين. وإنما نسئ إلى أنفسنا (وما ظلمناهم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون8). إن المغفرة هي جزء من القانون الكلى الذي أحكم الله في هذا الكون. المغفرة هي ان تعطى فرصة لتصحيح ما اسأت فيه، ولمن أسأت إليه. هذا بقانون (من يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذره شرا يره9) (اتبع السيئة بالحسنة تمحها10).. (٢٠٠٠/٩/٢٢)

١-١-٥-٢-يتعلم الإنسان من خطأه ويكون ما اكتسبه من خلال تجربته هو إشارة إلى معنى المغفرة

…كانت قوانين الاستغفار والرجوع والتوبة، حتى يستطيع الإنسان أن يكمل طريقه. والإنسان حين يكتشف خطأ فعله، أو خطأ قوله، فإنه حين يرجع إلى الله، ويستغفر الله ويصلح ما أفسد، فإن ذلك يكسبه قوة في اتجاه الخير، وأن هذه هي الآلية التي يكسب بها الإنسان (إن لم تذنبوا وتستغفروا لأتى الله بقوم آخرين يذنبون ويستغفرون فيغفر الله لهم11). الذنب هنا هو التعلم، لأن الذنب هو أن تكتشف خطأك، وأن تكتشف خطأك معناه أنك علمت ما هو الصواب، وهذه هي التجربة، التجربة التي يخطئ فيها الإنسان أو يصيب فيتعلم في كلتا الحالتين. (٢٠٠٦/٩/٢٢)

١-١-٦-لانهائية الكمال

الإيمان بلانهائية الكمال يمكن إدراكه كمفهوم غيبي لأنه لا يمكن تصور ما سيكون الإنسان عليه في معراجه في الله. موقف الإنسان من هذا الإيمان له بعدان. البعد الأول هو: رفض الإنسان للتغير إلى الأفضل واستكانته لما هو عليه، والبعد الثاني هو: أن كل إنسان عنده الأهلية لأن يرتقي في الله بدرجات متفاوتة.

١-١-٦-١-رفض الإنسان للتغير إلى الأفضل واستكانته لما هو عليه

إن العيب ليس أن يعرف الإنسان أنه لم يكمل بعد، ولكن العيب أن يرفض الكمال، وأن يرفض أن يكون هناك إنسان أكمل منه، ينكر ذلك، يتبع ظنه، ويتبع نفسه. إن دين الفطرة يعلم الإنسان أن ما من كمال إلا وعند الله أكمل منه. (١٩٧٩/٨/٢٥)

١-١-٦-٢-كل إنسان عنده الأهلية لأن يرتقي في الله بدرجات متفاوتة

فكان الإنسان كلمة الله، وخليفة الله، وكان الإنسان بهذا عنده الأهلية لأن يرتقي في الله، ولأن يعرج في الله، ولأن يكمل في الله، فما من كمال إلا وعند الله أكمل منه. كل إنسان يحمل بين جوانحه سر الله، إلا أن هذا لا يعني أن الكل في مقام واحد، وفي درجة واحدة، هناك تباين وهناك فروق، إلا أن كل إنسان يحمل بين جوانحه قدرا من الحقيقة، مما يمكنه من أن يعرج إلى أعلى. الفارق بين إنسان وإنسان هو القدر الذي استطاع سر الله فيه أن ينيره وأن يغيره، فالإنسان كلما تقدم في طريق الله، كلما ازداد نورا على نور (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها.12.) … (٢٠٠٨/١٢/٢٦)

١-١-٧-من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

مفهوم الميزان أو الحساب هو قانون من قوانين الحياة له ثلاثة وجوه. الوجه الأول هو الدقة المتناهية والتي هي مظهر من مظاهر العدل الذي باطنه رحمة والذي يرتبط بمفهوم يوم الدين. الوجه الثاني هو أن عمل الإنسان يؤهله للتعرض لرحمة الله وتوفيقه أيا كان لونه أو جنسه. الوجه الثالث هو أن أي عمل نعمله اليوم ينتقل مباشرة إلى العالم الآخر وهذا إيمان غيبي دون الدخول في كيفية الانتقال وهناك آيات كثيرة لها علاقة بهذا الأمر مثل (ووجدوا ما عملوا حاضرا.13.) (…كراما كاتبين.14..)

١-١-٧-١-الدقة المتناهية والتي هي مظهر من مظاهر العدل الذي باطنه رحمة

قانون الحياة يخبركم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، قانون الحق يخبركم أن السماء وضعها ورفع الميزان، ميزان الحق والحياة بدقة متناهية (من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره15)… (١٩٨٨/١٠/٧)

… وأن الذي يفصل في قضيتك يوم الدين هو الله (الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين16)، (وما أدراك ما يوم الدين، … يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله17). إنه تعبير عن اللحظة التي يفصل فيها في أمرك. فأنت موجود في عالم قد تكسب فيه وقد تخسر. تملك لهذه النفس أن تكسب يوم تحسن، وتخسر يوم تفسد. في لحظة تجمع فيها أعمالك، ويحكم في أمرك. هل هو قيام صالح يستمر في معراج لانهائي من الحياة، أم أنه قيام طالح لا يستحق البقاء وعليه أن يرجع الى أسفل سافلين… (٢٠٠١/٢/١٦)

١-١-٧-٢-عمل الإنسان يؤهله للتعرض لرحمة الله وتوفيقه

.. هكذا يعلمنا ديننا الطريق القويم والصراط المستقيم، يعلمنا ما فوق الأسماء والأشكال، يعلمنا أن الإنسان يوم يستقيم في هذا القانون الذي كشفه لنا يكون عبدا لله، أيا كان جنسه وأيا كان شكله وأيا كانت صورته (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى18). الكل سواسية لا فرق بين إنسان وإنسان إلا بعمله. بعمله يكون أهلا لرحمة الله، ولتوفيق الله. بعمله يتحرك الى الأمام ويعرج إلى أعلى. بعمله يستقبل فيوضات السماء ويستقبل رحمات السماء ويكون أهلا لنور رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.. (٢٠٠٠/٤/٢١)

١-١-٧-٣-أي عمل نعمله اليوم ينتقل مباشرة إلى العالم الآخر

إنا نعيش على هذه الأرض ونحن في حجاب، نعمل ونجاهد ونذكر، ونجتمع ونفترق، ونحاول ونجادل، ونتأمل ونتدبر، ولا نرى في ظاهر أمرنا كل نتائج ما نقوم به. وهذا سر من اسرار وجودنا، والحق يعلمنا أننا في لحظة سوف نرى كل ذلك. ولنقرب ذلك إلى الأذهان، فإنا على هذه الأرض نستطيع أن نتعامل، وأن نتواصل مع أناس آخرين بعيدين عنا بأجسادنا بكل وسائل الاتصال، ولكننا لا نستطيع أن نراهم بأجسادهم إلا إذا انتقلنا بأجسادنا إلى مكانهم. وجودنا الكثيف على هذه الأرض يحتم علينا، لكي ننتقل، أن نتحرك بسرعات بطيئة، بالنسبة للسرعة التي تنتقل بها الرسائل والمحادثات. إن ما نصنعه على هذه الأرض، وما نقوم به من أعمال، ومن أذكار، ومن مجاهدات، ينتقل إلى العالم الآخر بسرعة، لا نستطيع، لنرى أثرها، أن نتحرك بأجسادنا لنراها في هذا العالم اللطيف، إلا في لحظات يكشف الله لنا فيها حالنا، ووجودنا… (٢٠٠٥/١/٢٨)

١-١-٨-ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون

نحن نتحدث عن هذا المفهوم كقانون غيبي فنحن لا نستطيع أن نحدد الهدف من خلقتنا الذي لا يعلمه إلا الله. ونحن هنا نبين الزوايا المختلفة التي نشهد فيها تجلي هذا القانون. ولذلك يمكن أن يصنف هذا المفهوم أيضا تحت الإيمان بالشهادة: الزاوية الأولى لتجلي هذا القانون هو ما نشهده في سعي الإنسان وحركته لطلب العلم والمعرفة ودعاء الله. الزاوية الثانية التي نراها في هذا القانون هو خضوع الإنسان للقوانين الكونية مصداقا لقوله (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمٰن عبدا 19). الزاوية الثالثة هي أن قيام الإنسان بالعبادات كتعبير عن معنى العبودية يجب أن يتبعه تأمل فيما يقوم به لتحقيق تواجده الروحي.

١-١-٨-١-سعي الإنسان وحركته لطلب العلم والمعرفة ودعاء الله

لقد خلقنا جميعا بفطرة الحق لنكون عبادا لله خالصين، لوجهه قاصدين، عبادا للذي ليس كمثله شيء، عبادا للذي تعالى أن يوصف في أي شكل وفي أي صورة، خلقنا لنكون عبادا لله، لنعرف الحياة (ما خلقت الجن والإنسان إلا ليعبدون20)، ما خلقتهم إلا ليعرفون، ما خلقتهم إلا ليدعون، خلقتهم ليكونوا دوما طالبين، ودوما وجه الله قاصدين، لا يلهيهم شيء عن ذكر الله، لا يلهيهم شيء أن يكونوا عبادا لله في دنيا أو في آخرة… (١٩٨٢/٧/٢)

١-١-٨-٢-خضوع الإنسان للقوانين الكونية

… فالطاعة على ما نفهمها هي إدراك لقانون الحياة وخضوع له، لأن هذا هو الطريق الوحيد الذي يستطيع أن يكسب منه الإنسان، بمحبة ورغبة صادقة في أن يتعلم هذا القانون. إن الإنسان لا يستطيع أن يخلق قانونا جديدا. وعدم الاستطاعة هنا ليست اختيارية ولكنها واقع. فالله لم يحد حريتنا في أن نفعل، وفي أن نبحث. ولكننا نحن الذين ندرك أن لنا طاقات محدودة، ونعرف أن ما نجهل أكثر كثيرا مما نعلم. وهذا هو الذي يجعلنا نشعر حقا بالعبودية لله. فعبوديتك لله هي عبادة أنت تراها واضحة جلية بحرية كاملة. أنت عبد حر لله لأن منتهى حريتك هي التي تجعلك في معنى العبودية لله. إن الطاعة هي التي تغير الإنسان إذا كانت طاعة حقيقية. فليست الطاعة هي في الفعل، ولكن في الفاعل الذي هو الإنسان… (٢٠٠٢/٢/١)

إن جميع مخلوقات الله تخضع لقانون الله في طاعتها أو في معصيتها، لأنها تتبع قانونه، وهذا معنى (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمٰن عبدا21). المهم أن تكون في معنى العبودية لقانون الحياة الذي يرفعك، والذي تعرج به إلى أعلى عليين، ولا يكون هذا إلا بأن ترضى عن الله، برضائك عما أعطاك الله من نعم في خارجك وفي داخلك، وتتفاعل مع هذه النعم، لتكون في علاقة ثابتة مستمرة معه، تدور في دائرة الحياة، مركز هذه الدائرة هو قبلة الله، هو بيت الله، هو رسول الله… (٢٠٠٩/١١/٢٠)

١-١-٨-٣-قيام الإنسان في العبادات كتعبيرللعبودية يجب أن يتبعه تأمل فيما يقوم فيه

…كثيرون يرددون أن إذا أتينا منسكا لانفكر في هذا المنسك، وإنما ننفذه لأنه أمر الله. وهذا إن كان فيه جزء من الحقيقة، إلا أن هناك جزءا غائبا وهو أن شرط قيامك في هذه الطاعة هو أن تتبعه بتأمل فيما تقوم فيه حتى تكتمل طاعتك، فتسأل ربك أن يهديك لأن تقوم في هذه العبادة بحق وصدق، ولأن يكون لها أثر في حياتك، وفي سلوكك، وفي تغييرك، وفي أن تكون متسقا مع قانون الله. فالشرط لاحق للطاعة وليس سابقا لها، ومطلوب أن يتبع هذه الطاعة. ففهمك للعبادة يسير جنبا إلى جنب مع إتيانك لها، ومع قيامك فيها، وليس مطلوبا أن تتوقف عنها حتى تفهم الحكمة منها… (٢٠٠٩/١١/٢٠)

١-١-٩-قادم الإنسان هو ما يحب

هذا المفهوم قائم على الآية (كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم22) ولكن لا نستطيع أن نحدد تفسيرا مقيدا له. تم تصنيف أربع فقرات تحت هذا المفهوم لتعبر عن أربعة أبعاد. البعد الأول هو أن الإنسان إذا كان هدفه التعامل مع الله في كل عمل فسوف يتحول إلى طاقة نورانية باقية. البعد الثاني هو أن من يؤثر الحياة الدنيا لذاتها فإنه سيؤول إلى ما أحب في هذه الحياة الفانية. البعد الثالث أن ينظر الإنسان فيما هداه الله إليه ليحدد ما سيصير إليه. البعد الرابع هوعن يوم يرى الإنسان نتيجة عمله.

١-١-٩-١-يتحول الإنسان إلى طاقة نورانية باقية إذا كان هدفه التعامل مع الله

إن أي عمل تعمله، وأي قول تقوله، وأي إحساس تعيشه، يستهلك جزءا من طاقتك، ليبقى وجودا آخر. فهل تتحول الى حجارة أو حديد (كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم23). أما إذا عبدت الله، فكان هو مقصودك، وكان هو هدفك، وكان هو حياتك، تفني أنت بقيامك لتبقي في أعلى، ولتبقى بالأعلى. إن هذا لا يعني أبدا أن يترك الإنسان عمله في الدنيا، إنما أن يكون عمله وسيلة، وليس غاية، يكون وسيلة لذكر الله، يكون وسيلة لكسب في الله، يكون وسيلة لارتقاء في الله… (١٩٨٥/٢/٨)

١-١-٩-٢-يؤول إلى ما أحب في هذه الحياة الفانية إذا آثر الحياة الدنيا لذاتها

فهل تريدون الحياة أم تريدون الفناء (كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم)، فمن آثر الحياة الدنيا، من كانت الحياة الدنيا في قلبه، من كان عبدا للحياة الدنيا، فهو للحياة الدنيا، والحياة الدنيا فانية. إنه قانون الحياة الذي كشف عنه ديننا برسالات السماء. فنتجه إلى عقولنا وقلوبنا لنتعلم هذا القانون، حتى إذا جاء تبليغ يفصل قضية محددة، نستطيع أن ندركه ونتدبره.. (١٩٨٧/٢/٦)

١-١-٩-٣-ينظر الإنسان فيما هداه الله إليه ليحدد ما سيصير إليه

هل فكرت يا إنسان ما معنى ما غرك بربك الكريم؟ في الآية (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك24)، هل جاوبت على هذا السؤال؟ هل أرجعت البصر إلى داخلك لترى ما أنت مخلوق لأجله؟ هل قرأت حديثه إليك وهو يخبرك أن السر في مشيئتك (كن كيف شئت فإني كيفما تكون أكون25)، وأنك ملاقيه في كل الأحوال (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه26)، ما تريده ستكونه. إن أي بداية هي أن يتساءل الإنسان ماذا يريد وماذا يطلب؟ فإذا قلت أنا لا أعرف وكيف أعرف ماذا أريد، كانت إجابة الحق لك أنه سواك وهداك وألهمك لتعرف (…خلق فسوى27)، (… أعطى كل شيء خلقه ثم هدى28) … (٢٠٠٧/٢/٢٣)

١-١-٩-٤-يوم الفصل هو اليوم الذي يرى الإنسان فيه نتيجة عمله

نحن لا نعلم إلا القليل، ونسير في هذه الأرض ونحن نتلمس طريقنا وخطواتنا، ونعمل ما نظن أنه الخير وأنه الصواب، ولا ندري ما يفعل الله بنا غدا. هذا حال الإنسان، عرف أم لم يعرف، أراد أو لم يرد، وقد خلق ليتعامل مع هذا الحال ومع هذا القيام (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم، الذي خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك29) ، ماذا تظن بربك؟ ماذا تظن أن الله فاعل بك؟ (كن كيف شئت فإني كيفما تكون أكون30) ، (أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر31). والظن هنا هوالاعتقاد، ماذا تعتقد أنك ستكون؟ “ما غرك بربك الكريم”؟، ماذا تعتقد أن ربك فاعل بك؟ ليس أمام الإنسان إلا أن يرجع البصر إلى داخله، ويسأل داخله، ويسأل قلبه: ماذا يعتقد في هذا الوجود، في هذا القيام، في هذا الجلباب الذي يتسربل به على هذه الأرض؟ حين يخاطبنا الحق، ويصف لنا حال الإنسان حين يرى ما أصبح عليه، فإنه يصف هذا الحال بالزلزلة القوية (إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان ما لها، يومئذ تحدث أخبارها، بأن ربك أوحىٰ لها، يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم32). فأنت في هذا الحال الذي أنت عليه الآن، لا ترى عملك، ولا ترى ما حصلت في مجاهدتك وجهادك على هذه الأرض. فالقيام على هذه الأرض، هو قيام في ظلام، في ليل، وأنت موعود بأن ترى ما أصبحت عليه وما حصلت عليه (… ليروا أعمالهم، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره33). فيوم الفصل، أو يوم القيامة، أو الساعة، أو الزلزلة، أو البعث، كلها تتكلم عن هذا الحال، وهو حال يرى فيه الإنسان ما عمل… (٢٠١٨/١٢/١٤)

١-١-١٠-إرادة الله

الإنسان في حياته يشهد أمورا كثيرة لا يعرف لها تعليلا ولا يستطيع أن يغيرها ويقف أمامها حائرا ويؤمن بأن الله بالغ أمره. تتحدث هذه الفقرات عن هذه الأمور وعما يصل إليه الإنسان من فهم للتعبير عن حاله من خلال أربعة أبعاد: البعد الأول يعبر عن إيمان الإنسان وقد عرك الحياة وعرف أنه لن يكون إلا ما أراد الله به ويضع تصورا خياليا أنه لو عرف ما أراد الله به ما كان أجهد نفسه فيما لا طائل من ورائه. البعد الثاني يوضح إيمان الإنسان الذي أدرك أن كل ما يفعله هو في إطار مشيئة الله في حال توفيقه أو فشله. البعد الثالث يقدم مفهوم التواجد المكاني والزماني للإنسان وارتباطه بإرادة الله. البعد الرابع يشرح أن إرادة الله مرتبطة بما خلق الله الإنسان عليه من عقل وإرادة.

١-١-١٠-١-يعتقد الإنسان في مرحلة ما أنه لو عرف أمر الله فيه لوفر على نفسه الكثير من الجهد

إن الله بالغ أمره مهما فعلنا. إنه يحركنا كيف يشاء، ويصنع بنا ما يريد. فهل نحن عرفنا ما يريد حتى نكون في إرادته فيبلغ بنا أمره، ونعرف أنه بالغ أمره فعلا. إننا مهما فعلنا، مهما فكرنا، ومهما علمنا، فإن الله بالغ أمره فينا. فإذا رأينا أمره فينا وعرفناه لوفرنا على أنفسنا الكثير من الجهد، والكثير من الطاقة المبذولة هباء.. (١٩٧٠/١٢/١٨)

١-١-١٠-٢-يدرك الإنسان أن كل يفعله هو في إطار مشيئة الله في حال توفيقه أو فشله

إعلم أن مشيئتك هي من مشيئة الله (وما تشاءون إلا أن يشاء الله…34). فالإيمان الحق أن تؤمن بالشهادة وأسبابها، وأن تؤمن بالغيب وأسبابه، أن تصدق مع وجودك ومع حياتك، ومع أسباب الحياة حولك، وألا تتوقف عن ذكر الله ودعائه، غيب يساندك في كل قول، وشهادة تساعدك في كل عمل، أمر وسط،عروة وثقى لا إنفصام لها… (١٩٨٥/٦/٧)

إن الله يريد ما تريد، فانظر لما تريد، وانظر لما تشاء، إن شئت خيرا فسر في طريق الخير، وإن شئت إصلاحا فسر في طريق الإصلاح، إن رأيت ظلاما فسر في طريق كشف هذا الظلام، ففهمك وعقيدتك أن الله بالغ أمره لا يعني تعطيل إرادتك ومشيئتك، فإرادتك ومشيئتك هي أيضا من عند الله، وإرادة الله فوق كل إرادة، وإرادة الله أكبر من أن تحصرها في إتجاه … (١٩٨٦/١٢/٢٦)

١-١-١٠-٣-التواجد المكاني والزماني للإنسان مرتبط بإرادة الله به

إن تواجدنا في هذا الزمان وفي هذا المكان هو تقديرالعزيزالحكيم لحكمة مرادة بنا لخيرنا ولكسبنا. جعل لنا في وجودنا إرادة الحياة، بنعمة العقل والقلب، وجعلنا نتفاعل مع الحياة فيما يقع علينا من أحداث، وفيما نريد من فعل بتفاعلنا مع الناس وتفاعلنا مع الطبيعة. فكانت الحياة التي نعيشها، والتي نتواجد في رحابها، تخلق وجودنا وحياتنا بإرادة الله (وما تشاءون إلا أن يشاء الله). فتجلى الناس بإرادة الله فأوجدوا بيئة لوجودهم وأسلوبا لحياتهم، وتجلت الطبيعة بإرادة الله فهيأت للناس ما أراد الله لهم.. (١٩٨٦/٩/١٩)

١-١-١٠-٤-إرادة الله مرتبطة بما خلق الله الإنسان عليه من عقل وإرادة

حين نتدبر في آية (… من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا35)، ونتسآل عن معنى من يهد الله، ومن يضلل الله في واقع حياتنا، فلا نرى في الظاهرلنا إلا عقل الإنسان، تقديرالإنسان، ما يعتقد الإنسان. هذا التأمل يوضح لنا أن علاقة الله بالإنسان هي من خلال ما أوجد فيه وما خلق فيه. فإذا أراد الإنسان أن يعرف الله فعليه أن يعرف سرالله فيه، ما أودع فيه من قدرة، ما فطره عليه وما صبغه به. لن يستطيع الإنسان أن يخرج من هذه الإرادة الموجودة فيه، وهو كذلك لا يعرف مآله ومقصده النهائي. لا يستطيع مثلا أن يقول أن من أضلني الله، ولا يستطيع أن يقول أن من من هداني الله. هذا هو معنى الحجاب، ومعنى أن الإنسان لا يعرف الغيب، لا يعرف من هو، وما مصيره، وما مآله… (٢٠٠٦/١٢/٢٢)

١-١-١١-رحمة الله

مفهوم رحمة الله هو مفهوم غيبي بامتياز فلا يستطيع أحد أن يعرف معناه أو قدره. وهذا المفهوم له أربع زوايا يمكن للإنسان أن ينظر إليه منها. الزاوية الأولى هي رحمة الله في توفيق الإنسان لأن يعمل عملا صالحا ففي ظاهر الأمر يبدو أن الإنسان هو الفاعل أما في باطن الأمر فرحمة الله هي الفاعلة. الزاوية الثانية أن طلب الرحمة هو من نعمة الله على الإنسان فلا يغتر بعمله. الزاوية الثالثة هي في إعطاء الإنسان الفرصة تلو الفرصة ليصحح أخطاءه ويؤمن ويعمل صالحا. الزاوية الرابعة هي أن القيم الروحية التي تصلح الإنسان تتوافق مع فطرته.

١-١-١١-١-رحمة الله في توفيق الإنسان لأن يعمل عملا صالحا

إن قانون الحياة يعلمنا أن الإنسان سوف يجد ما عمل حاضرا، وما قدمت يداه نافعا. فكانت رحمة الله محتجبة بعمل الإنسان، فما عمل الإنسان خيرا إلا بقانون الرحمة يسري في وجوده. وما كان الإنسان بظلامه إلا تعبيرا عما في هذا الكون من ظلام. فكان الإنسان تعبيرا عن هذا الوجود. وكان الإنسان الذي حمل الأمانة36 هو خليفة الله على الأرض بما أوجد الله فيه من سره، وأصبح الإنسان عنوانا على قانون الحياة وسريانه… (١٩٨١/١٢/١٨)

١-١-١١-٢-طلب الرحمة هو من نعمة الله على الإنسان

فما كان إحساسنا بنعمة الله بنا إلا إحساس بطلب لمغفرة، وبطلب لرحمة، فتعلمنا أن رحمة الله أكبر، وتعلمنا ألا يدخل الجنة أحدنا بعمله37 (١٩٨٧/٩/١٨)

١-١-١١-٣-إعطاء الإنسان الفرصة تلو الفرصة ليصحح أخطاءه

فإذا تعمقت أكثر في القانون وجدت أن لكل عمل على هذه الأرض ما يحكمه. قد يتجلى عليك هذا القانون بجبروته، ويتجلى عليك بكبريائه، ويتجلى عليك ببطشه، ويتجلى عليك بانتقامه، كما قد يتجلى عليك برحمته وبمغفرته، وبنوره وبمدده. وأنت تريد أن تكون في مجال رحمته وفي مجال مغفرته وفي مجال عطائه، فتسأله باسمه الرحمن الرحيم. وأن رحمته هي أن يهيئ لك أن تؤمن وأن تعمل عملا صالحا. فرحمته بك أن يعطيك الفرصة تلو الفرصة لتصحح أخطاءك، ولتكون إنسانا مؤمنا صالحا… (٢٠٠١/٢/١٦)

١-١-١١-٤-القيم الروحية التي تصلح الإنسان تتوافق مع فطرته

… الرحمة الشاملة التي جاءت بها رسالة الإسلام، لتدعو الناس جميعا إلى قيم روحية وإلى قيم حقية، لا يستطيع إنسان أيا كان في أي مكان أن يرفض هذه القيم، جاءت هذه الرسالة الحقة لتثبت هذه القيم وهذه المعاني، في معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وفي معنى أن الإنسان خليفة الله على هذه الأرض، وفي معنى حرية الإنسان الكاملة، وفي معنى أن هناك قانونا حاكما لهذه الأرض، وأن على الإنسان أن يبحث عن الأسباب التي تجعله حيا. ولكن الناس لم يقدروا هذه الأسباب حق قدرها، وجعلوا منها أشكالا وصورا فقط، وظنوا أنهم بهذه الأشكال والصوريكونون في معنى الطاعة لخالقهم، والطاعة الحقة هي في القيام بما أمروا به من معان أكبر من الصور والأشكال … (٢٠١٠/١/١٥)

١-١-١٢-استمرار الحياة وتعدد صور وجود الإنسان

هذا المفهوم له علاقة كبيرة بالإيمان باليوم الآخر وله ٥ أبعاد. البعد الأول يركز على مفهوم استمرار الحياة بعد الموت لمن أفنى هذه الحياة الدنيا في سبيل الله.. البعد الثاني يؤكد على وجوبية النظر إلى تراثنا في ضوء ما كشفه لنا الاتصال الروحي من استمرار الحياة وما كشفه العلم الحديث من أسرار الكون. البعد الثالث يشير إلى الصور المتعددة لتواجد الإنسان في قديم وفي قادم. البعد الرابع يشير إلى مفهوم في رمزية النار لمن فقد معنى الحياة وتغيره إلى وجود آخر، وبقاء واستمرار من كسب حياته حيا. البعد الخامس يعرف معنى من معاني حياة الإنسان ويصفها بأنها في قدرته على التفكر والفعل، والرؤية، والاستماع، والتغيير.

١-١-١٢-١-استمرار الحياة بعد الموت هو لمن أفنى هذه الحياة الدنيا في سبيل الله

إن دين الفطرة يدعونا الى حال أقوم، والى قيام أعظم، يدعونا الى إنسانيتنا، يدعونا الى روح الحق فينا، يدعونا الى نور الله بنا، فما خلقنا للفناء، ولكن خلقنا للبقاء، للبقاء بنور الحياة، للبقاء بمعنى الإنسان (لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون38). عرفوا طريق الحياة، ودخلوا طريق الحياة، وما طريق الحياة إلا سبيل الله، وما قتلوا إلا في الله، أقتلوا أنفسكم فتاب عليكم. (١٩٧٩/٨/١٠)

…نتجه صادقين مجتهدين مجاهدين في سبيل الله لنكسب معنى الحياة (لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون). إن هذا المعنى غير قاصر على من حمل السيف، وإنما هو لكل إنسان صادق لا يخشى في الحق لومة لائم، لكل إنسان عامل، لكل إنسان عاش حياته مجاهدا بقلبه، ومجاهدا بلسانه، ومجاهدا بيده. (١٩٨٦/١٠/١٧)

١-١-١٢-٢-النظر إلى تراثنا في ضوء ما كشفه لنا الاتصال الروحي

إن قضية الإنسان في كل عصر، وفي كل مكان، أن يبحث عن الحقيقة، وأن يفتش عنها في داخله وخارجه. إن الحقائق التي نعلمها اليوم والتي كشف عنها الاتصال الروحي من استمرار الحياة، ومن نتائج توصل إليها العلم الحديث في فروع متعددة، وفي التأمل لقوانين الحياة بدءا من أصغر الكائنات الى الكون الفسيح بلا نهائيته، يجعلنا ونحن نعيش في هذا العصر مكلفين أن ننظر الى تراثنا، وأن ننظر الى حاضرنا، نظرة حق، نظرة علم، نظرة تأمل، نظرة تفكر وتدبر.. (١٩٨٧/٢/٦)(١٩٩٣/٤/١٥)

١-١-١٢-٣-الإنسان له صور كثيرة أوجده الله فيها في قديم وفي قادم

يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك39. أتظن أنك خلقت عبثا؟ أتظن أنك خلقت صدفة؟ أتظن أنك خلقت للا شيء وللا هدف؟ أتظن أن هذه صورتك فقط؟ إن لك صورا كثيرة، ولك أشكالا كثيرة، ولك مجالات كثيرة، وتواجدات كثيرة ومتعددة. إنك وإن كنت قد تواجدت اليوم في هذه الصورة فقد كان لك في قديم صورة، ولك في قادم صورة. فيا أيها الإنسان إن رحلتك في الحقيقة لا بداية لها ولا نهاية لها، فأنت سر عظيم، وفيك السر الأعظم، سر اللا بدأ واللانهاية، سر الأبدية والأزلية، سر القديم والقادم، سر الغيب والشهادة، إن فيك يا إنسان قياما أكبر، ووجودا أعظم. (١٩٨٩/٩/٢٢)

١-١-١٢-٤-عذاب النار هو ألا يحقق الإنسان على هذه الأرض معنى الحياة له

وما عذاب النار إلا ألا يحقق الإنسان على هذه الأرض معنى الحياة له، فيصبح غير قادر أن يستمر في حياته الأخروية، فيكون كائنا لا قيمة له، ولا استمرار له، ولا بقاء له، مما يستلزم أن يتغير من هذا الحال إلى مفردات أقل شأنا، وهذا هو رمز النار، كما نفعل في حياتنا حين تصبح المواد غير قابلة للاستخدام بأي شكل من الأشكال فتحرق. هذا تعبير وتشبيه عن معنى أكبر في قانون الله، رمز له الحق بمعنى النار في كتابه الحكيم. ونحن نؤمن بكل هذه الأمور الغيبية دون أن نحدد شكلها أو صورتها. إن الإنسان يريد أن يكون إنسانا حيا، والحق يعبر عن ذلك يوم يوجه الذين آمنوا ويوجه الجميع، إلى أن يستجيبوا لله ولرسوله وهو يدعوهم لما يحيهم، ويعبر عن معنى الحياة في الذين حققوا رسالتهم على أرضهم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون40) … (٢٠٠٨/٤/١١)

١-١-١٢-٥-حياة الإنسان هي في قدرته على التفكر والفعل والرؤية والاستماع والتغيير

حين نتأمل في مدلول كلمة “حياة” بالنسبة لوجود الإنسان، نجد أنها قدرته على التفكر، والتأمل، والتدبر، والفعل، قدرته على الرؤية والاستماع، قدرته على التغيير، وعلى البناء، وعلى التعمير. والموت عكس الحياة، فالميت لا يسمع ، ولا يرى، ولا يستطيع أن يغير. ولذلك، نجد أن الآية حين استثنت “الذين قتلوا في سبيل الله من وصفهم أمواتا، ووصفتهم بأنهم أحياء، فإن هذا يعني أنهم يرون، ويسمعون، ويفعلون، ويفكرون، ويتأملون، ويتدبرون، بصورة قد تختلف عنا وعن حياتنا، ولكن المقصود هنا، هو التفريق بين الحياة والموت. والدين هو الحياة؛ لأنه هو المنهج الذي يحافظ على حياة الإنسان في حاضره وفي مستقبله، والدين ليس في الأشكال ولا في الصور، ولكن فيما وراء الأشكال والصور، إنه ما يحيي الإنسان، ما يجعل قلبه حيا، وضميره حيا، وعقله حيا، وحواسه حية، وقدرته على الفعل فيها حياة. فالإنسان الذي يراقب أفعاله، نقول عنه أن ضميره حي، أما من اتبع هواه كان أمره فرطا، فهو وإن كان في ظاهره حي بحركته المادية، بذهابه ومجيئه، باستماعه لما يدور حوله، إلا أنه ميت من الداخل. الذي لا يفكر ولا يتدبر، عقله ميت. الذي يسمع القول فلا يتبع أحسنه، هو لا يسمع، حواسه ميتة. الذي يسير في الأرض فلا ينظر إلى كيف بدأ الله الخلق، فهو لا يرى. الذي لا يعمل عملا يفيد به من حوله، فعله ميت، لا أثر له، ولا بقاء له. الدين منهج يوجه الإنسان إلى الحياة، وإلى أن يفعل كل طاقاته وكل إمكاناته، ليغير وجوده إلى الأفضل والأقوم. وعلى الإنسان حين يدرك ذلك، أن يبدأ خطوة في طريق الحياة، وبداية الأشياء هي رمز لهذه الخطوة.. (٢٠١٩/٩/٦)

١-١-١٣-استمرارية العطاء

الإيمان باستمرارية العطاء من الغيب إلى الإنسان له ثمانية أبعاد: البعد الأول هو أن الحياة الموجودة في كل مولود هي عطاء مستمر وهذا العطاء هو رسول من الله للإنسان. البعد الثاني هو بقاء كل رسالة في أثير هذه الأرض بمعانيها الحقية. البعد الثالث هو أن الرسالات السماوية والطبيعية تتوالى لكشف قانون الحياة. البعد الرابع هو أن الشريعة هي وسيلة لمواصلة تبليغ رسالة الحق. البعد الخامس هو في استمرارية البيان فيما يتكشف من معرفة. البعد السادس هو رؤية الرسالة المحمدية كرسالة جامعة مستمرة. البعد السابع يوضح كيف أن الإسلام كاشف لقانون الحياة موضح لأبعاده ومبين لأسراره. البعد الثامن يتناول تفاعل الدين مع الإنسان من خلال أحداث الحياة والعلوم التي تتكشف له.

١-١-١٣-١-الحياة السارية في كل وجود هي مولد لرسول الله في هذا الوجود

.. فالحياة السارية في كل وجود هي مولد لرسول الله في هذا الوجود. فهل تعارف الناس على معنى الحياة فيهم؟ هل عرفوه قائما لا يغيب؟ مولود في كل وليد بما فيه من سر الحياة، وبما فيه من اسم الله، وبما فيه من روح الله.. (١٩٧٦/٣/١٢)

١-١-١٣-٢-تبقى كل رسالة من الله في أثير هذه الأرض بمعانيها الحقية

.. إن دين الحياة يخاطبكم ويرشدكم ويوجهكم. يحدثكم حديثا مستمرا دائما فيما ترك فيكم وبينكم (تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لا تضلون أبدا فإنهما لا يفترقان أبدا41). وتركت فيكم هنا لا تعني فقط كتابا، أو سلوكا ظاهرا، وإنما تعني وجودكم وفطرتكم. فكل رسالة ظهرت على هذه الأرض تركت في جوها، وفي أثيرها، وفي كل جزئية وجزييء عليها، في كل كائن يسيرعليها، قوة روحية، وقوة حقية. فيوم ظهر رسول الله (صلعم) على هذه الأرض، وتلقى رسالة من ربه، ونطق بها وعلمها، كل كلمة نطق بها لم تذهب سدى. هي باقية على هذه الأرض وباقية في كل مظهر من مظاهر الحياة على أرضنا.. (١٩٨٩/٢/١٧)

١-١-١٣-٣-الرسالات السماوية والطبيعية تتوالى لكشف قانون الحياة

دين الفطرة يعلمنا أن ننظر الى جميع الأديان على أنها دين واحد. ورسول الله صـلوات الله وسلامه عليه في إشارات كثيرة، وفي مواقع كثيرة، أشار الى ذلك. فأخذ من شريعة موسى وطبقها، وقال نحن أولى بها، وكرم عيسى، وقال أنا أولى الناس بابن مريم42. ذلك فإن ما نعيشه اليوم من وجود ديانات متعددة، واختلافات أوجدها الناس بسوء فهمهم، وبسوء عقيدتهم، وبسوء إدراكهم، ليس هو الدين الواحد الذي جاء به إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلوات والسلام. إن ما نعيشه اليوم في جميع المجتمعات، إلا من رحم الله، هو صورة زائفة لكلمة الدين. أوجدها المحترفون بظن إيمان وعقيدة، وبظن اعتزاز وحب لرسولهم أو لدينهم. فالمسلم الحق من آمن جميعا (لا نفرق بين أحد من رسله43). ليس هذا باللفظ فقط، وإنما بالإدراك السليم، لأن في كل دين من الحقائق ما هو متوافق مع قانون الحياة… (١٩٩٨/١١/٦)

١-١-١٣-٤-الشريعة هي وسيلة لمواصلة تبليغ رسالة الحق

الإسلام يوم جاء، جاء ليعلم الناس جميعا أن الدين واحد، وأن الدين عند الله الإسلام بمعنى الفطرة، وبمعنى القانون. إن الإسلام يتكلم عن المبادئ والمفاهيم أولا قبل أن يتكلم عن التعبير عنها في الشرائع. وما كانت الشريعة إلا تعبير عن الحقيقة. وما كان القيام في التشريع إلا تعبير عن التحقيق. وما كان التشريع إلا الرسالة المتصلة التي تتناقلها الأجيال، لتعبر عن الحقيقة في كل جيل، من بعد جيل. وهذا هو قيمة التشريع لذلك قال القوم (من تحقق ولم يتشرع فقد تزندق44) لأنه حرم الذين من بعده في أن يتعلموا من خلال الرسالة التي أرسلها الله للإنسان في شريعته. كما قالوا (ومن تشرع ولم يتحقق فقد تفسق45) لأنه يوم قام في ظاهر الأمر أو في التشريع دون أن يعرف أنه تعبير عن الحقيقة، فهو لم يفهم ما جاءت من أجله الشريعة ولم تبلغه الرسالة ولم يقرأها، مثله كمثل الحمار يحمل أسفارا، لا يعرف ماذا يحمل، ولا ماذا يفعل. فإذا قامت أمة، أو جماعة، أو مجتمع، أو مجتمعات بتشريع سماوي فهي بذلك تعبر عن الحقيقة للأمة، وللمجتمعات كلها، وللأرض كلها. فإذا كانت مجتمعات أخرى وأمما أخرى تعبر عن حقيقة بمظهر آخر من التشريع، فهذا التشريع يعبر أيضا عن حقيقة أراد الله لها أن تقوم على الأرض، حفاظا على معرفة جاءت، وعلى رسالة قامت.. (٢٠٠٠/٢/٢٥)

١-١-١٣-٥-استمرارية البيان فيما يتكشف من معارف في هذا الكون

إننا نتذاكر بيننا بما جاء به ديننا، وبما هو موجود في أرضنا من تراث حقي، ومن معارف كثيرة ظهرت وتظهر وستظهر. كلها تشرح وتوضح وتبين طريق الإنسان على هذه الأرض. وستظل رسالة الله دائمة قائمة في معنى (إذا قرأناه فاتبع قرآنا ثم إنا علينا بيانه46). إن البيان مستمر وسيظل كذلك الى أبد الآبدين (ولو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا47).. (٢٠٠٠/٦/٣٠)

١-١-١٣-٦-الرسالة المحمدية هي رسالة جامعة مستمرة

جاء كل الرسل والأنبياء برسالة الإسلام لمخاطبة البشرية كلها. وكانت الرسالة المحمدية هي جماع كل هذه الرسالات توضيحا لما سبق وكشفا لما سيلحق. فأوضحت أنها للبشرية كلها. فالدعوة هي أن يفيق كل إنسان إلى ما فيه من سر الحياة، وإلى ما فيه من فطرة الحياة. إنها دعوة كونية، دعوة عالمية، دعوة إنسانية. إنها تخاطب الإنسان في المقام الأول، تخاطب فطرته، تخاطب عقله، تخاطب قلبه… (٢٠٠٢/٤/٢٦)

١-١-١٣-٧-الإسلام كاشف لقانون الحياة موضح لأبعاده ومبين لأسراره

إن وجودكم وحياتكم عطاء من الله، وسلوككم وجهادكم وطريقكم هو تقدير الله، وهبكم سره، وأوجدكم في كونه. أرسل إليكم رسله بالحق ليبينوا سر هذا الوجود، سر حياتكم. فكانت الأديان كاشفة لهذا السر، موضحة له، مبينة لأبعاده، ولأسراره، ولمكوناته التي تتعامل معكم… (٢٠٠٣/٢/٢٨)

الإسلام هو كاشف لقانون الحياة، معلم له. وكان الإيمان أن تمارس هذا القانون في حياتك وفي معاملاتك. وكان الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. إهتم الصوفية بمقام الإحسان، الذي لم يأخذ حظه من جانب الكثيرين من الفقهاء والعلماء. فقد توقف الفقهاء عند النظر إلى الشكل وكماله، وأصبح كل همهم هو ضبط الشكل. فاهتموا بشعائر الصلاة والصوم والحج، وتوقفوا كثيرا عند الشكل، وأخذوا قرونا، حتى يسمحوا للمسلمين بالرمي في أوقات مختلفة ـ مثلا ـ أو أن يقوموا بالذبح بصورة منظمة، كما هو الحال الآن… (٢٠١٢/٩/٧)

١-١-١٣-٨-تفاعل الدين مع الإنسان من خلال أحداث الحياة والعلوم التي تتكشف له

الدين حي، حي، بتفاعل الإنسان مع واقعه، بتفاعل الإنسان مع أحداث الحياة حوله، بتفاعل الإنسان مع العلوم التي تتكشف له. إن القانون واحد لا يتغير. نحن نعلم ذلك، ولكن ما يتكشف لنا كل يوم، هو أمر لم نكن نعلمه، والدين كذلك، لأن الدين هو الذي يكشف لنا قانون الحياة. فالدين كاشف لقانون موجود، أوجده الله، وليس منشئا له، لأن المنشئ هو الله (الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى48). فمقولة أن الدين ثابت لا يتغير، هي مقولة، قد يكون فيها شيء من الحق والحقيقة، إنما في أغلب الأحيان، حين تقال، يراد بها باطل، لأنها تستخدم لوقف التفكير والتدبر والتأمل. فالدين، هو كاشف للقانون، وليس منشئا له. ومن ثم، فإن إدراكنا، وما يكشف لنا، متغير بقدراتنا، وبما ترسله لنا الأحداث من رسائل، وبما يكون الواقع عليه. فنحن حين نقرأ الآيات اليوم، نقرؤها ونحن في سياق مختلف تماما، عما كان يقرؤه السابقون، وفي واقع مختلف تماما، عما كان يقرؤه السابقون. ومحاولات البعض ألا يقرءوا، إلا وهم يضعوا أنفسهم في بيئة السابقين، هو تجميد لعقولهم، وتجميد لدينهم، الذي هو يكشف كل يوم أسرارا جديدة، بقراءات جديدة، وبمفاهيم جديدة، حين نقرأه من خلال واقعنا، ومن خلال معاملاتنا… (٢٠١٢/٩/٧)

١-١-١٤-الحق والباطل في الإنسان

الإيمان بأن الإنسان فيه الحق وفيه الباطل وأنه قادر أن يتعامل معهما، له ثمانية أبعاد: البعد الأول هو تقدير الإنسان لما أعطاه الله بما يمكنه ألا يغلب الباطل على وجوده. البعد الثاني هو إدراك الإنسان أن كل ما يراه حقا، في أعماقه شيء من الباطل، وأن كل ما يراه باطلا، في أعماقه شيء من الحق. البعد الثالث هو أن الله من وراء الحق والباطل بإحاطته. البعد الرابع هو أن الإنسان إذا لم يستطيع أن يميز بين الحق والباطل بما أعطاه الله من نعم فلن يستطيع أن يميز بينهما فيما يستمع إليه. البعد الخامس أن انتصار الحق وانتصار الباطل على ما نعرفهما لهما دورات لحكمة لا نعلمها. البعد السادس خلق الله الإنسان ليغير ويعمر قائما بالحق وخلق إبليس ليحبط ويهدم قائما بالباطل ليشحذ همة الإنسان ليستمر في رسالته. البعد السابع هو التأمل في الباطل والاستفادة منه فقد يتعلم الإنسان من الباطل أكثر مما يتعلم من الحق يوم يعرف أنه باطل. البعد الثامن هو أن الحق في الإنسان هو في حمله لأمانة الحياة وهي القدرة على العلم والمعرفة وأن الباطل هو ما بقي فيه من الظلام والجهل.

١-١-١٤-١-تقدير الإنسان لما أعطاه الله بما يمكنه ألا يغلب الباطل على وجوده

قل لهم أن يقدروا وجودهم، ويعرفوا قيامهم، ويقدروا بيئتهم وشريعتهم، يقدروا ما أعطى الله لهم، أعطاهم فأجزل العطاء ووهبهم فغمرهم بعطائه. رفع فيهم سماءهم، ووضع فيهم ميزانهم. أوجد فيهم ما به يميزون، وما به للأسمى يتجهون. وأمرهم في قائم وجودهم ألا يطغوا في ميزانهم، ألا يغلبوا الباطل على وجودهم. فالحق والباطل فيهم بقائم وجودهم… (١٩٧٧/٨/١٩)

١-١-١٤-٢-إدراك الإنسان أن كل ما يراه حق في أعماقه شيء من الباطل وأن كل ما يراه باطل في أعماقه شيء من الحق

إن قوانين الحياة تخبرنا وتعلمنا أن الحق يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل49، ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي50. وأن كل حق في أعماقه شوائب من الباطل، وأن كل باطل في أعماقه شيء من الحق. فالمدرك العالم السائل الطالب الراجي الداعي المريد المتعلم يعرف ذلك، ويصلح وجوده ليستخلص الحق في أي صورة. يستخلص الحق ولو كان ظاهره باطل، ويرفض الباطل الذي ظاهره حق. فلا يأخذ الحق إلا جهاز صالح وقيام صالح، صلح فأصلح ما في داخله ومافي أعماقه… (١٩٧٧/١٢/١٦)

١-١-١٤-٣-الله من وراء الحق والباطل بإحاطته

إن الله من وراء كل شيء بإحاطته، إن الله من وراء النور والظلام، من وراء الحق والباطل، فها هو إبليس يخاطب ربه فبعزتك لأغوينهم أجمعين51. إن الله بالغ أمره، فكيف يقوم الباطل إذا كان الله ليس قائما من ورائه بإحاطته. ولكن هل يعني ذلك أن الإنسان حين يرى الظلام يلبسه حلة من نور؟ إن الله بإرادته من ورائك في رغبتك لإقامة الحق ولانتشار النور، كما هو من وراء ما هو قائم من الباطل لحكمة وأمر لا نعلمه (وما تشاءون إلا أن يشاء الله…52) وما تفعلون إلا ما قدر الله، وما فيكم من عقل وإحساس وإدراك للأمور إلا ما أعطاكم الله.. (١٩٨٠/١٠/١٠)

١-١-١٤-٤-الإنسان إذا لم يستطيع أن يميز بين الحق والباطل بما أعطاه الله فلن يستطيع أن يميز بينهما فيما يستمع إليه

إن كنت لا ترى ولا تعرف ما الحق وما الصواب فلن تستمع الى الحق والصواب من خارجك، لأنك لا تعرفهما في نفسك فكيف تستدل عليهما في الآخرين، كيف تميز بين الحق والباطل في قول الآخرين لك. إنك إن ميزته في قول الآخرين فقد عرفته، وإن كنت قد عرفته فلأنه فيك، ولأنه بك. فظن الإنسان أنه لا يعرف الحق ولا الصواب هو من ظلام نفسه. إن الحق والصواب هما فيما قدر الله في أسبابه وفي قانونه. إن إكبار قدرة الله وتقديرها هو في إكبارنا وتقديرنا لقانون الحياة (لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم53).. (١٩٨٢/٥/٧)

١-١-١٤-٥-انتصار الحق وانتصار الباطل على ما نعرفهما لهما دورات لحكمة لا نعلمها

في مثل ذلك اليوم السابع عشر من رمضان كما أنه كان تاريخ إنتصار في موقعة بدر فبعد عدد من السنين كان إستشهاد الإمام علي بن أبي طالب في السابع عشر من رمضان أيضا، لنتعلم أن القضية ليست مجرد صورا ثابتة تتكرر، وإنما قانون الحياة يسري في دورات، وفي كرات وكرات بين الخير والشر، بين الحق والباطل، بحكمة أكبر، هي قانون الحياة. فندرك أن ما نشهده من ظاهر الأحداث إنما هو ظاهرنتأمل فيه، أما احداث الحياة ببساطتها فهي قانون متصل لحكمة الحق.. (١٩٨٥/٦/٧)

١-١-١٤-٦-خلق الله الإنسان ليغير ويعمر قائما بالحق وخلق إبليس ليحبط ويهدم قائما بالباطل ليشحذ همة الإنسان ليستمر في رسالته

خلافة الإنسان على هذه الأرض تعني تجلي الله على الإنسان يوم نفخ فيه من روحه، ويوم أودع فيه سره ليفعل ويتفاعل، ويعمر ويغير من خلال تواجده. وفي نفس الوقت خلق الله إبليس ليكون أيضا متواجدا على هذه الأرض لأن له دور عليها. دوره أن يكون قياما معارضا معاكسا للإنسان بحقيقته حتى يشحذ الإنسان همته، ويبدع من خلال صراعه مع هذا القيام المعاكس. هذه هي حكمة الله على هذه الأرض. ونرى أنها موجودة في ظاهر حياتنا، فكل يخضع لهذه الفتنة ولهذا التقدير. فالإنسان لا يستطيع أن يستقيم، أو أن يبدع، أو أن يعدل، إلا إذا كانت هناك قوة تعارضه. ويستطيع من خلال محاولته للتغلب عليها بالحق أن يقدم أفضل ما عنده، لخير الإنسان، ولخير مجتمعه… (٢٠٠١/٩/٧)

كل إنسان يحمل معنى آدم (… إني جاعل في الأرض خليفة …54). والخليفة هنا، هو هذا الجنس البشري، بما أودع الله فيه من طاقات وقدرات، لا توجد في أي كائن آخر. وأخبره أن وجوده على هذه الأرض سوف يتلازم معه وجود آخر هو جزء من وجوده، رمز له في قضية آدم بإبليس (ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها55…) … (٢٠١٠/٣/١٢)

١-١-١٤-٧-التأمل في الباطل والاستفادة منه فقد يتعلم الإنسان من الباطل أكثر مما يتعلم من الحق يوم يعرف أنه باطل

كثير من الجماعات غفلت عن الطرق السليم بظن دين، واستخدمته لتحقيق مآرب دنيوية وأهداف مادية. تأملوا فيما يحدث حولكم، تأملوا في الباطل الذي ترون، وتعلموا منه حتى لا تكونوا باطلا مثله، فقد يتعلم الإنسان من الباطل أكثر مما يتعلم من الحق يوم يعرف أنه باطل، ولا يسير وراءه، وإنما يتجه إلى الله أن يشهده الحق، وأن يعلمه الحق، وأن يرزقه الحق … (٢٠٠٢/٤/٢٦)

حين يكون الإنسان معترفا بنعمة الله عليه وبفضله عليه، وفي نفس الوقت يخشى الله ويستغفر الله ويتوب إلى الله ولا يبرئ نفسه، فإن النفس أمارة بالسوء. يوم يعيش في هذين الحالين، بين إحساس بفضل ونعمة وتوفيق من الله، وفي إحساس برهبة وخشية أن يضل سبيله في طريق الله، يكون بذلك قد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها56. ويكون قد سار في طريق رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وهو يعلمنا ذلك، (إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر الله في اليوم سبعين مرة، أأغيان أغيار يا رسول الله، بل هي أغيان أنوار57)، ويقول لنا أيضا: (ها أنا رسول الله بينكم ولا أدري ما يفعل بي غدا58)، (لا يدخل الجنة أحدكم بعمله، حتى أنت يا رسول الله؟ حتى أنا، ما لم يتغمدني الله برحمته59). فالاستقامة ليست في جانب واحد، ليست في جانب يظن فيه الإنسان أنه قد اهتدى، أو في جانب آخر يظن فيه الإنسان أنه قد ضل. فكل إنسان عنده من الهداية قدر، وعنده من الضلال قدر أيضا، وهذا هو الذي يميز الإنسان عن باقي الكائنات، أنه يجتمع فيه الخير والشر، الحق والباطل، النور والظلام. هذه الازدواجية والاثنينية في الإنسان، إنما هي لصالح الإنسان في طريقه الحقي، فالظلام قد يؤدي بالإنسان إلى التهلكة، وفي نفس الوقت ربما يساعده على أن يكون في طريق الحق والهداية والنجاة، هذا هو قانون البشرية. فيوم خلق الله آدم وإبليس كان هذا هو القانون، فقال إبليس لله (..فبعزتك لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين60..)، والمعنى هنا ليس أن عباده المخلصين لن يحاول إبليس معهم، فهو يحاول مع الجميع، وإبليس هنا يتعامل مع الإنسان من خلال نفسه الأمارة بالسوء، (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم61). فوجود هذا الجانب الناري الذي يدعو الإنسان إلى الهلاك يحفز الجانب الرحماني ليقوى أكثر، فيكون بذلك قادرا على مواصلة الحياة بصورة أفضل وأكرم، إنه قانون موجود في الطبيعة. (٢٠١٥/١٢/٢٥)

١-١-١٤-٨-الحق في الإنسان هو في حمله لأمانة الحياة والقدرة على المعرفة وأن الباطل هو ما بقي فيه من الظلام والجهل

الإنسان حمل الأمانة (.. عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا62). ويمكن أن نفهم معنى ظلوما جهولا على أنه كان مثل كل الكائنات قبل أن يحمل هذه الأمانة. فكل الكائنات لها وجود مادي، وجود ظلوم جهول لا يستطيع التعلم، ولا يستطيع التعرف على ما يحيط به، ولا يستطيع التغير. (٢٠١٠/٣/١٢)

١-١-١٥-ما خلق الإنسان باطلا

هذا المفهوم له ثمانية أبعاد البعد الأول أنه يقوم في الإنسان نتيجة ذكره وتفكره وأنه ما خلق باطلا. البعد الثاني هو تذكير الإنسان بما فيه من سر الله وبأنه مخلوق لهدف أعلى. البعد الثالث يبين أن الإنسان خلق ليأخذ من دين الفطرة ويتفاعل معه بقدر طاقته وإمكاناته. البعد الرابع هو إعماله لكل طاقاته لتغيير نفسه وتغيير عالمه. البعد الخامس هو أن الإنسان وحدة وجود وبذرة حياة ومشروع خلق فيه العقل والقلب والذات. البعد السادس هو أنه حمل أمانة الحياة ليكون وجودا ممتدا. البعد السابع أن الإنسان خلق ليكون عبدا لله وليكون ربانيا وهذا هدف عظيم. البعد الثامن هو أن الإنسان في تسوية مستمرة تساعده على أن يكون حيا.

١-١-١٥-١-يقوم في الإنسان أنه ما خلق باطلا نتيجة لذكره وتفكره

يا أيها الإنسان ماذا تظن؟ أتظن وقد أوجد الله فيك ما به إليه تتجه، وأوجد فيك قدرة بها بالغيب تؤمن، وأوجد فيك قوة وعزيمة، وإدراكا وحسا، إن أعملتهم وتفاعلت معهم ذكرا في الله، وذكرا لله، متفكرا في سمو قيامك، وفي أرض ذاتك، ستصل الى إدراك حقيقة حياتك، وبمدلول سلوكك وصفاتك، تراها جلية ظاهرة أمام ناظريك، حقا لا شك فيه… (١٩٧٨/٣/٢٤)

١-١-١٥-٢-تذكير الإنسان بما فيه من سر الله وبأنه مخلوق لهدف أعلى

.. إن وجودكم على هذه الأرض وقيامكم في هذا الجلباب له شأن عظيم في حياتكم، وفي مستقبل وجودكم. فما أوجدكم الله على هذه الأرض إلا لحكمة، خلقكم لتكونوا في معنى أعلى (خلقتك لنفسي ولتصنع على عيني63) (ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون64) (وفي أنفسكم أفلا تبصرون65)… (١٩٨٨/٧/١)

إن الله قد خلق الإنسان ليجعله معنى حيا (خلق الله آدم على صورته66). فالإنسان يحمل أمانة كبرى حمله الله إياها، وفضله على جميع الكائنات، وخلفه على الأرض(ما ظهر الله في شيء مثل ظهوره في الإنسان67). فهل قدر الإنسان هذه الأمانة؟ هل قدر الإنسان وجوده؟ هل قدر الإنسان قيامه؟ هل عرف الإنسان أنه بطاعة ربه، وبإكبار حقه، يستطيع أن يكون قياما أعظم ووجودا أكبر وإنسانا أصلح؟ (عبدي أطعني أجعلك ربانيا تقول للشيء كن فيكون68)… (١٩٨٩/٩/٢٢)

١-١-١٥-٣-الإنسان خلق ليأخذ من دين الفطرة ويتفاعل معه بقدر طاقته وإمكاناته

دين الفطرة يخاطب كل جنس، وكل ثقافة، وكل حضارة، وكل إنسان في أي مكان على هذه الأرض. والإنسان يأخذ من دين الفطرة بقدر طاقته وإمكاناته، بقدر مستواه العقلي والقلبي والروحي. وأن دين الحق هو ما يدعو الى الأحسن والأفضل والأقوم. كلما رفع الإنسان من مستواه كلما تذوق أكثر، وعرف أكثر، وتفاعل مع دين الفطرة أكثر… (١٩٩١/١/٤)

إن دين الفطرة جاء بمعان أساسية، وقيم حقية، ومبادئ روحية، وأمر الإنسان أن يتفكر ويتدبر، وأن يطبق هذه المعاني وهذه المبادئ في الصورة التي يستطيع أن يقوم بها.. (١٩٩٢/٧/١٧)

إن دين الفطرة يقول لكم في أنفسكم قولا بليغا، فيعلمكم ويخبركم أن بكم أمانة الحياة، وأن بكم سر الله، وأن بكم نور الله (وفي أنفسكم أفلا تبصرون69) (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق70). يقول لكم ذلك حتى تشحذوا هممكم، وتعملوا عقولكم، وتذكروا بقلوبكم، وتجاهدوا بجوارحكم حتى تروا ما أخبركم الله به أنه في نفوسكم.. (١٩٩٤/٦/١٧)

١-١-١٥-٤-إعمال الإنسان لكل طاقاته لتغيير نفسه وتغيير عالمه

قضية خلق آدم كما وردت في القرآن توضح للإنسان الهدف المباشر لوجوده في هذا العالم وهو إعمال الإنسان لكل طاقاته ليغير ما بنفسه ويغير البيئة المحيطة به من أجل مواصلة الحياة في هذا العالم. أما الهدف الكلي لخلق الإنسان فلا يعلمه إلا الله. فالإنسان هو سر إلهي، هو أكبر من هذه الذات، وهو أكبر من هذا الوجود الذي يعيشه اليوم. إنه يتجلى بهذه الذات اليوم. لكل تجلى وقت وميعاد. إن زال هذا الوقت وانتهى تجلى في صورة أخرى، وفي حال آخر، وفي قيام آخر، وفي عالم آخر. إن وجودنا على هذه الأرض في هذا الزمان وفى هذا المكان ما كان صدفة، إنما هو تقدير العزيز الحكيم… (١٩٩٤/٧/٢٢)

١-١-١٥-٥-الإنسان وحدة وجود وبذرة حياة ومشروع خلق فيه العقل والقلب والذات

ديننا يوضح لنا طريقنا، ويوضح لنا هدف وجودنا ويوضح لنا كيف كنا وكيف أصبحنا، وكيف سنكون (إذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا بلى أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين71). كان الإنسان قبل أن يهبط إلى هذه الأرض ثم أرسله الله إليها ليكون خليفته عليها (إني جاعل في الأرض خليفة72). لذلك كان الإنسان على هذه الأرض هو الكائن الوحيد الذي حمل أمانة الحياة وأطلعه الله على بعض من أسرارها التي يستطيع أن يتعامل معها، وأن يطور بها حياته، وأن يكون أداة خير لكل الكائنات القائمة عليها. فالإنسان على هذه الأرض باستخدامه لأسباب الحياة يكسب فى حياته الحقية. وهذا هو سر وجوده على هذا الكوكب… (١٩٩٦/٩/٢٧)

ندرك أن وجودنا له هدف، وله مقصود، وله رسالة. قبل أن يحمل الإنسان هذه الأمانة لم يكن شيئا مذكورا (إنه كان ظلوما جهولا73). كان مصيره الظلام، وكان مصيره الجهل. كان مثل أي كائن آخر يدور في فلك الحياة، من صورة الى صورة، دون أن يكون له قيام مميز. إن الإنسان على هذه الأرض هو الكائن الوحيد الذي له كيان مميز، بعد أن حمل الأمانة، بعد أن نفخ الله فيه من روحه، بعد أن صوره، فأحسن تصويره، وبعد أن خلقه فأحسن خلقته… (٢٠٠٠/١٢/١٥)

إن الإنسان كائن مميز في هذه الأرض، وبعد هذه الأرض. بهذه الأمانة يستمر في معنى الإنسان، وبتفريطه فيها يرجع ظلوما جهولا، لا وجود له، ولا قيمة له، ولا كيان له. يدخل في دورة الحياة، ما بقي فيه من طاقة يرجع الى مصدر آخر، ويدخل في إعادة تأهيل، وتشكيل بقانون الله الذي أحكم، والذي أوجد (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين74). وما كان التعبير عن النار في كل آيات القرآن إلا تعبيرا عن هذه الحقيقة، بصور مختلفة، وفي مقامات مختلفة. وما كانت الجنة إلا تعبيرا عن قيام الإنسان بأمانة الحياة فيه، في معراج أعلى، وفي وجود أكرم، وأفضل، وأجمل. قضيتنا أن يكون لنا فهم في تواجدنا، وأن نسمع إلى الحق فينا، وإلى الحق علينا وهو يخبرنا كيف نستطيع أن نتحكم في هذه الذات، بحيث نوجهها إلى ما ينفعنا كمعان وأرواح. الإنسان قبل أن يحمل الأمانة كان ككل شيء، وبحمله للأمانة أصبح كل شيء، أصبح الإنسان الذي ما ظهر الله مثل ظهوره فيه، الإنسان الذي خلفه الله على الأرض… (٢٠٠٣/٩/١٩)

١-١-١٥-٦-حمل أمانة الحياة ليكون وجودا ممتدا

إن الإنسان وقد خلقه الله على هذه الأرض فسواه وقدر فهداه (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها75). إنها قدرة الله اللانهائية التي خلقت الإنسان فجعلته قياما مكتفيا بوجوده، أوجد الله فيه من قدرة حقية وسر إلهي، فكان الإنسان بذلك وحدة وجود، وبذرة حياة، ومشروع خلق، فيه كل مكونات الحياة، فيه البذرة وزارعها، فيه العالم والمتعلم، فيه الصانع والأداة ومادة الصنع التي يشكلها، فيه العقل والقلب والذات… .(١٩٩٥/٥/٣١)

آيات كثيرة تتحدث عن الإنسان، الإنسان الذي له نفس أمارة بالسوء وكذلك، فإن الإنسان يحمل من الطاقات والقدرات، ومن النور أيضا، ما يمكنه من أن يرقى في أعلى عليين والقرآن حين يعبر عن هذا الحال في الإنسان، (ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها76)، وهذا واقع نشعر به جميعا، فكل منا يعرف ما فيه من ظلام، ويعرف ما فيه من نور… (٢٠١٥/٤/٢٤)

١-١-١٥-٧-الإنسان خلق ليكون عبدا لله وليكون ربانيا

إن وجودكم على هذه الأرض له هدف عظيم. وهذا ما جاءت الأديان لتكشفه لكم. تكشف لكم أنكم مخلوقون لتكونوا عبادا لله، ولتكونوا ربانيين77. فإذا تحدث الإنسان عن نفسه تحدث بمعنى العبودية لله. هكذا علمه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، يوم تجلى بمعنى العبودية لله، وأظهر قيمة العبودية لله، وعلم معنى العبودية لله. وعرف أن شرف الإنسان هو في أن يكون عبدا لله، في هذا المعنى شرفه وعظمته… (١٩٩٨/٨/٧)

١-١-١٥-٨-الإنسان في تسوية مستمرة تساعده على أن يكون حيا

كل إنسان أودع الله فيه سره على ما هو عليه، فكمل خلقه وأصبح قادرا أن يسلك طريقه، وأن يتخذ قراره. هذه التسوية مستمرة في حياة الإنسان (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى78). فالله يتوفى الأنفس في منامها، يكمل تسويتها، ويكمل تدريبها، ويكمل إعدادها، فالذين يتفكرون في خلق السموات والأرض يقولون (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار79) …(٢٠٠٦/١٠/١٣)

١-١-١٥-٩-العمل بما يعلم وأن كان قليلا

إننا وإن كنا نشعر بضآلتنا في هذا الكون، وبضآلة ما نعلم ونعرف، إلا أننا يجب أن نعمل بما نعلمه، وأن نحاول أن نتعلم أكثر، فهذا القليل النسبي بالنسبة لعلم الله هو كثير جدا بالنسبة لنا. بل أن في هذا القليل ما يكسبنا هذه الحياة، وما يغيرنا إلى ما هو أفضل وما ينطلق بنا إلى ما هو أعلى، وهذا سر الحياة فينا، وهذه هي أمانة الحياة التي حملها الإنسان. والحياة التي حملها الإنسان ليست في أن يجعله ذلك يتحرك، أو يتعلم، أو أن يفعل أفعالا بعينها فقط، وإنما هذه الحياة تكسبه حياة دائمة، حياة أبدية. (٢٠١٦/٤/١)

١-١-١٦-الدين هو المنهج الذي يوضح للإنسان كيف يتغير إلى الأفضل

يتكون هذا المفهوم من ستة أبعاد توضح ما هو الأفضل الذي يؤمن به الإنسان. هذه الأبعاد وإن كانت لها معاني ظاهرة إلا أنها من الصعب قياسها بأي معايير مادية. البعد الأول هو عدم التثاقل إلى الأرض. البعد الثاني هو إيمان الإنسان بكل قدراته وإعمالها والبعد الثالث قد يكون متشابها مع البعد الثاني إلا أنه يركز على قدرة التذوق والتمييز والقدرة على التغيير. في الإنسان. البعد الرابع يشير إلى أن كل النعم التي أنعم الله بها على الإنسان ليكون أهلا لتلقي كلماته فتكون بذورا تلقى في أرض ذاته تروى بذكره ودعائه. البعد الخامس يوضح أن التغير إلى الأفضل هو في مفهوم البعد الروحي للدين أما المعاملات المادية فينظمها المجتمع لتتغير إلى الأفضل وهذا هو منهج الدين أيضا. البعد السادس يشير أن الأفضل موجود في الإنسان فيما فطره الله عليه من حب الحياة.

١-١-١٦-١-الإيمان بأن الدين كمنهج يؤهل الإنسان ليكون غير متثاقل إلى الدنيا

فكان الدين هو المنهج الذي يوضح للإنسان كيف يتغير إلى الأفضل، وكيف يعرج إلى الأعلى، وكيف يزداد نوره، وكيف تصفو نفسه، وكيف يحيا قلبه، وكيف ينير عقله، وكيف تنطلق روحه، كيف لا يكون متثاقلا إلى الأرض. إن الذي خطا خطوات في الطريق لا يخشى الموت، لا يضع أصابعه في آذانه حذر الموت، لأنه يدرك أن الحياة ممتدة، ويؤمن بهذا إيمانا راسخا. فإذا نظرنا حولنا سوف نجد على هذا المقياس من هو في أول خطوة ومن هو متقدم، الذي في بداية طريقه يخشى الموت، والذي تقدم خطوات إلى الأمام تراجعت هذه الخشية عنده. وهكذا في مقاييس كثيرة سوف نرى الناس في درجات مختلفة… (٢٠٠٨/١٢/٢٦)

١-١-١٦-٢-الإيمان بأن صلاح الإنسان لا يكون إلا يوم يقدر ما أعطاه الله

إن الدين في جوهره، هو صلاح الإنسان في الدنيا والآخرة. وصلاح الإنسان في الدنيا والآخرة، لا يكون إلا يوم يقدر الإنسان ما أعطاه الله. وليقدر الإنسان ما أعطاه الله، عليه أن يكتشف في وجوده هذه القدرات، التي وهبه الله إياها. وليكتشف هذه القدرات، عليه أن يقرأ كتاب الله، وأن يستمع إلى ما جاء به رسول الله. وهذا، ما نقرؤه في آيات الله، التي توضح لنا رسالة الإنسان على هذه الأرض، منذ خلق آدم إني جاعل في الأرض خليفة80، وتساؤل الملائكة؛ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون81. وعلم الله آدم الأسماء كلها82، وأصبح آدم بما علمه الله هو الإنسان الذي ما ظهر الله في شيء مثل ظهوره فيه… (٢٠١٣/٣/٢٢)

١-١-١٦-٣-دين الحق يخاطب ما فيكم من عقل، وتذوق، وتمييز، وقدرة على العمل والتغيير

دين الحق، يخاطب ما فيكم من عقل، وتذوق، وتمييز، وقدرة على العمل والتغيير. دين الحق ليس دعوة إلى شعارات، أو أشكال أو صور، وإنما هو دعوة إلى فكر، وذكر، وعمل. دين الحق ليس كلمة تقال لتحقيق مأرب دنيوي، وإنما هو دعوة للإنسان أن يكون إنسانا حقا…(٢٠١٤/٤/١١)

١-١-١٦-٤-أعطى الله الإنسان كل النعم، ليتلقى كلماته فتكون بذورا تلقى في أرض ذاته تروى بذكره ودعائه

جاءت الرسالات السماوية، لتعلم الإنسان هدفه في الحياة، وتعلمه أيضا المنهج الذي يسير عليه. جاءت بما يؤكد قيمة الإنسان وما أنعم الله به عليه. جاءت لتقول للإنسان: إنك خليفة الله على الأرض، قد حملك الأمانة، وأعطاك قدرة، وإرادة، وفكرا، وعقلا، وقلبا، وذاتا تفكر وتذكر وتعمل. أعطاك كل هذه النعم، لتتلقى كلماته ولتتلقى آياته، فتكون كلماته وآياته بذورا تلقى في أرض ذاتك، تروى بذكرك ودعائك، وتفهم بعقلك وتأملك. جاءت رسالات السماء، لتعلم الإنسان ما فيه من أسرار، وأرسلت له الآيات، لتساعده على فهم ما فيه من أسرار وقدرات وإمكانات. ما جاءت الرسالات بشكل جامد، أو بصورة جامدة، أو بنظام جامد، نقول عنه أن هذا هو ما أرسل الله. إنما جاءت بآيات تحمل نورا، حتى إذا تلقاها الإنسان، فتحت له أبواب الحقيقة وأبواب الخير وأبواب السماء (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق83…) (٢٠١٤/٦/٢٠)

١-١-١٦-٥-الدين ليس علما ماديا، ينتج أشكالا وصورا إنما هو علم روحي في المقام الأول

الدين بأبعاده الروحية والمعنوية، ليس علما ماديا، ينتج أشكالا وصورا، إنما هو علم روحي في المقام الأول، ومادي بمعنى وجودنا الأرضي وما ينتج عنا من أفعال مادية، قد تؤثر في حياتنا الروحية. هذه الأفعال المادية يحكمها قانون تصدره الأمة ممثلة في علمائها في كل المجالات كما يتفق عليه أفراد المجتمع… (٢٠١٥/٤/٢٤)

١-١-١٦-٦-جاءت الرسالات السماوية لتكشف لنا عما فطرنا عليه من حب الحياة في وجودنا وما قبل وجودنا وما بعد انتقالنا إلى عالم آخر

ديننا هو كل ما جاءت به الرسالات السماوية لتكشف لنا عما في أعماقنا من سر الحياة، مما فطرنا عليه من حب الحياة في وجودنا في أرضنا، وما قبل وجودنا، وما بعد انتقالنا إلى عالم آخر. جاءت الرسالة المحمدية لتكشف لنا كل هذا، لتكشف لنا ما جاءت به الرسالات السابقة، ولتصدق عليها، ولتكمل لنا كشف أسباب الحياة والنجاة (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون84). (٢٠١٥/٦/٥)

Footnotes

  1. البقرة ٢٥٥

  2. فصلت ٣٠

  3. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم من الأعمال بما يطيقون قالوا إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ثم يقول إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا (البخاري)

  4. الأعراف ٩٩

  5. البقرة ١٨٦

  6. الفاتحة ٥

  7. الرعد ١١

  8. النحل ١١٨

  9. الزلزلة ٧

  10. اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها (الإمام احمد والترمذي)

  11. والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم(مسلم).

  12. الأنعام ١٢٢

  13. الكهف ٤٩

  14. الانفطار ١١

  15. الزلزلة ٧

  16. الفاتحة ٢، ٣، ٤

  17. الانفطار ١٧، ١٩

  18. حديث: ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى (الإمام أحمد)

  19. مريم ٩٣

  20. الذاريات ٥٦

  21. مريم ٩٣

  22. الإسراء ٥٠، ٥١

  23. الإسراء: قل كونوا حجارة أو حديدا (٥٠) أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا (٥١)

  24. الانفطار: ٦، ٧، ٨

  25. لم أجد هذه المقولة كآية أو حديث ولكني وجدت هذا الحديث: إنما يرحم الله من عباده الرحماء (البخارى)

  26. الانشقاق: ٦

  27. الأعلى: ٢، ٣

  28. طه: ٥٠

  29. الانفطار: ٦، ٧، ٨

  30. لم أجد له تصنيفا قد تكون مقولة صوفية

  31. حديث قدسي: البخاري وآخرون

  32. الزلزلة: ١ - ٦

  33. الزلزلة: ٧، ٨

  34. الإنسان: ٣٠

  35. الكهف:١٧

  36. الأحزاب: ٧٢

  37. إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا

  38. آل عمران: ١٦٩

  39. الانفطار: ٨

  40. آل عمران: ١٦٩

  41. حديث: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي [ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا] ولن يفترقا حتى يردا على الحوض: النسائي، ملاحظة: لم يذكر الحديث بهذا النص في كتب الأحاديث الأخرى. ونحن هنا لانرجح نصا على نص آخر. وكل ما يهمنا هو الإستدلال علي إستمرارية الرسالة

  42. حديث: مسلم

  43. البقرة: ٢٥٨

  44. من أقوال الصوفية

  45. من أقوال الصوفية

  46. سورة القيامة:١٨، ١٩

  47. الكهف: ١٠٩

  48. الأعلى: ٢-٣

  49. فاطر: ١٣، لقمان:٢٩

  50. الروم:١٩

  51. ص:٨٢

  52. التكوير: ٢٩

  53. الرعد:١١ “له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال “

  54. البقرة: ٣٠

  55. الشمس: ٧، ٨

  56. البقرة: ٢٥٦

  57. حديث: مسلم بصيغة “إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة”

  58. حديث: البخاري بصيغة: “…والله ما أدري - وأنا رسول الله - ما يفعل بي ولا بكم…”

  59. حديث: البخاري بصيغة: “لن يدخل الجنة أحدا عمله قالوا: ولا أنت؟ يا رسول الله، قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله منه برحمة…”

  60. ص: ٨٢، ٨٣

  61. حديث: البخاري ومسلم بصيغة: “… قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم..”

  62. الأحزاب:٧٢

  63. طه: ٣٩- “وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني”، ٤١- ” واصطنعتك لنفسي”

  64. الذاريات: ٥٦

  65. الذاريات: ٢١

  66. حديث: بخاري ومسلم

  67. لم أستدل على هذا القول وإن كانت الآية “عرضنا الأمانة …” الأحزاب :٧٢ تعطي المعنى المراد

  68. الحديث بهذه الصيغة لم يذكر في كتاب الصحاح ويمكن اعتباره مقولة صوفية ما نفهمه منها هو أن الإنسان يرقى في الله فتتوافق إرادته مع كل ما يحدث في الكون

  69. الذاريات: ٢١

  70. فصلت: ٥٣

  71. الأعراف ١٧٢

  72. البقرة ٣٠

  73. الأحزاب: ٧٢

  74. البقرة ٢٤

  75. الشمس: ٧-١٠

  76. الشمس: ٧-١٠

  77. آل عمران ٧٩

  78. الزمر: ٤٢

  79. آل عمران: ١٩١

  80. البقرة:٣٠

  81. البقرة:٣٠

  82. البقرة:٣١

  83. فصلت:٥٣

  84. البقرة:٤